
اصبح الراهن السياسي السوداني الان وفي ظل الحرب، اكثر تعقيدا من ذي قبل أي من بداية الحرب التي توقع لها مؤيدو طرف الحرب الداعمين للجيش اذ ما زال أثر تعليقهم وقتذاك مذكراً الاسماع انها حرب اسبوع اسبوعين بـ(الكتير) ونقضي على الدعم السريع.
الى هنا ولا يبدو الأمر غريباً اذ شُوهدت عربات وترسانة أسلحة في امدرمان تابعة للدعم السريع مما يؤكد أن ما بين طرفي الحرب انذار مسبق بوقوعها.
وليس هذا فقط بل مازالت ذاكرتنا تستعيد تصريحات الجيش نفسه بإنتداب خيرة ضباط الجيش لقوات الدعم السريع علماً بأن المشاة كانوا اصلاً الجنود الذين اعتمد عليهم الجيش كجنود مدافعين .تطورت الحرب من حرب مدن عحز الجيش عن ايقافها واخراج قوات الدعم السريع الذي تمدد في ولاية الخرطوم ونزح منها أهلها وسكانها الى الجزيرة كأقرب ولاية جقرافية متاخمة لولاية الخرطوم، ولكن لم تسلم الجزبرة من تمدد الحرب فدخلتها قوات الدعم السريع بعد انسحاب الجيش منها ولأول مرة سمعنا مفهوم تسليم المفتاح!
واذ اندس الجيش عبر (كيلكه) واجرم هذا المجرم بأهل الجزيرة ونكل بهم باسم الدعم السريع اغتصب وقتل وسرق وحرق للجيش بأسم الدعم السريع وأندق أول مسمار في نعش فقدان الثقة في قوات الدعم السريع وكراهية السودانيين لهم!
وكانت خدعة استخياراتية كرست لتعميق فكرة فصل الدعم السريع، وتبدلت الحرب من حرب مدن بعد عام كامل الى حرب انتقامية ذبح فيها المواطن وبقرّت فيها بطون المواطنين العزل واخرجت الأجنة من ارحام امهاتم اللائي تزوجن من ابناء الدعم السريع، وظهرت النعرات الاثنية والعصبية القبلية، واستعرت نيران الكراهية والبغضاء بين مكونات النسيج الاجتماعي الذي كان قد تشابك بالزيجات، ليصبح بعد انسحاب قوات الدعم السريع مسرحاً لسفك الدماء واستباحة جرائم جزّ الرؤس وفصلها، والتمثيل بالجثث في أبشع صوره مذكراً العالم بالدواعش وبربريتهم في القتل حتى اصبح التحرير في حقيقته انسحابات تارة من الجيش وتارة أخرى من الدعم السريع !!!
هذا هو مسرح جرائم الحرب ومآلاتها في السودان، اذ ظلت ذات المشاهد عن الحرب وراهانها راسخة في أذهان كل السودانيين على ذات النسق والمنوال .
انعكست هذه المآلات على الراهن السياسي فتفككت بنية القوى السياسية التي انتصرت بوحدتها في قيادتها للثورة والثوار حتى اسقطت رأس نظام الانقاذ وخلعته واودعته مع عصابته السجون وقادت المرحلة الانتقالية بشراكة العسكر المأفون.
فأنقلب عليها العسكر قبل تمامها بإنقلاب اودعت فيه قيادة قوى الحرية والتغيير السجون ودفعوا ضريبة جلوسهم معهم أثماناً غاليا كان اغلاه ضياع الحكم المدني وإعادة الاموال التي نهبها الاسلاميبن بل ذهبوا الى ابعد من ذلك، فسرق الجيش المنقلب وحزبه حزب المؤتمر الوطني المال الذي جمع باسم القومة للسودان وتم حل لجنة التفكيك، تفكيك تمكين نظام الانقاد الفاسد الى هذا الحد تراجعت الثورة وسرقت ويبقى السؤال الاكثر تحدي للفهم، لماذا لم تسجن قيادات الحزب الشيوعي مع قيادات قوى الحرية والتغيير ألم يكونوا شركاء بوزراء تقلدوا وزارات حساسة هي الخارجية والصحة؟!.
دعونا نجيب على هذا التساؤل في مقالنا القادم عن كيف تم تفكيك وحدة قوى الثورة بقوى مضادة للثورة.