على ظهور تاتشرات الحركات المسلحة يتم التجنيد..
مطمورة السودان تتحول لأرض خصبة لانتاج المقاتلين

التنوير: خاص
تسبب النزاع القائم في السودان والذي اكمل عامه الثاني، في تحول اكبر رقعة زراعية مطرية في السودان وهي ولاية القضارف لارض خصبة لتجنيد المقاتلين والزج بهم في أتون المعارك.
وبعد ان كانت احلام الشباب في القضارف تنحصر في تطوير الزراعة المطرية وكيفية تحقيق انتاجية عالية خلال الموسم الزراعي اصبح تفكيرهم ينصب حول كيفية الالتحاق بأحد معسكرات مليشيات الحركة الإسلامية اوالحركات المسلحة بسبب الاغراءات الكبيرة التي تقدمها المجموعات المسلحة للراغبين في الالتحاق بمعسكرات التجنيد.
وأثرت عمليات عسكرة الشباب وتحولهم لجنود يقاتلون في صفوف الجيش وحلفائه أثرت بصورة كبيرة في إنخفاض العمالة اليدوية في المشاريع الزراعية مما دعا عشرات المزراعين للاستعانة بمجموعات وافدة من دولة اثيوبيا المجاورة والاستعانة بها في عمليات نظافة وفلاحة الأرض وحصد المحاصيل.
مورد بشري وضياع الشباب
وبعد أشهر قليلة من سقوط عاصمة ولاية الجزيرة، مدينة ودمدني في 18 ديسمبر 2023 حوّل الجيش ولاية القضارف لاكبر مورد بشري وتجهيز المقاتلين حيث أنشأت عشرات المعسكرات جرى تجنيد الآف المقاتلين فيها والدفع بهم نحو جبهات القتال في الجزيرة والخرطوم، لتصبح الحرب هي الخيار الوحيد امام الشباب في ظل تدهور الاوضاع الاقتصادية وتوقف مشاريع كسب العيش طويلة المدى.
واقع سلبي
كما ان انتشار المسلحين الكبير داخل ولاية القضارف افرز واقعاً سلبيًا ينُذر بتفجر الأوضاع الأمنية في الولاية الشرقية خاصة وأن إنتشار السلاح وسهولة اقتنائه ادى لحدوث احتكاكات بين المسلحين فيما بينهم علاوة على وقوع عدد كبير من حوادث القتل طالت عشرات المدنيين من قبل مسلحين يتبعون للحركات المسلحة والمستنفرين في الجيش السوداني.
تحول خطير
ويقول، الناشط في قضايا شرق السودان ابراهيم بيلا في حديث لـ”التنوير” ان هناك تغييراً كبيراً طرأ على نمط الحياة الريفية في ولاية القضارف الزراعية والتي عرفت بانها سلة غذاء السودان منذ اندلاع الحرب في السودان وتمددها لمناطق واسعة، مشيراً إلى ان كثير من الشباب هجروا الزراعة واتجهوا نحو الجندية ورأى بأن هذا الأمر سيكون له تداعيات سلبية قد تؤثر على الوضع الاقتصادي المحلي والقومي خاصة في ظل التقارير التي تتحدث عن توقعات بانخفاض المساحات الزراعية خلال العامين الماضيات.
وأفاد أن لجوء المزارعين إلى العمالة الإثيوبية، رغم أنها تسد فجوة كبيرة في الموسم الزراعي، قد يخلق لاحقًا مشكلات تتعلق بتغير ديمغرافي محتمل وتنافس على الموارد الشحيحة، خاصة في ظل هشاشة الوضع الأمني وانتشار السلاح، وكشف عن تسجيل مضابط الشرطة خلال العام الجاري ثلاث حوادث قتل ارتكبها عمال قادمين من دولة اثيوبيا ضد تجار ومزارعين سودانيين في المنطقة الجنوبية والشرقية من ولاية القضارف.
واوضح أن استمرار هذا النهج سيحول مناطق الإنتاج الزراعي إلى بؤر نزاع مسلح دائم، ما لم يتم تدارك الوضع عبر مبادرات سياسية وأمنية عاجلة تعيد الأمن وتوفر سبل العيش الكريم للسكان المحليين داعيًا الى توقف عمليات التجنيد العشوائي ووقف تسليح المجتمعات الزراعية وتخوف من اندلاع اشتباكات بين المزارعين والرعاة للانتشار الواسع للسلاح في أيدي المواطنين علاوة على المستنفرين الهاربين من جبهات القتال.
نشاط الحركات المسلحة
وبعد ان فقدت الحركات المسلحة، مواقعها في اقليم دارفور الذي تسيطر قوات الدعم السريع على الجزء الأكبر منه لجأت الحركات المسلحة بأمر من الجيش السوداني نحو ولاية القضارف، حيث تنشط كل من حركة تحرير السودان قيادة مني أركو مناوي، والعدل والمساواة بزعامة جبريل ابراهيم وتحرير السودان التي يرأسها مصطفى تمبور والتحالف السوداني في تجنيد الآلاف المقاتلين الذين جرى تدريبهم في كل من معسكرات “الربوة” علاوة على معسكر الشهيد حمزة الأزرق فضلاً عن معسكر حريرة ومدينة الفاو ومعسكرات أخرى في محليات الفشقة والقلابات الغربية والشرقية وقلع النحل.
وتقول مصادر عسكرية، لـ”التنوير” ان الحركات المسلحة، الدارفورية منحت مبالغ مالية ضخمة من قبل الجيش تجاوزت المليون دولار من اجل تجهيز المقاتلين في ولاية القضارف تمهيدًا للدفع بهم نحو جبهات القتال في اقليمي كردفان ودارفور.
واشارت المصادر ان عدد من جنود الحركات المسلحة بعد أن تلقوا تدريبات عسكرية وتسليحهم هربوا من الخدمة واتجهوا نحو مناطقهم الزراعية لينشطوا في عمليات النهب وقطع الطرق امام المركبات التجارية، وافادت ان انتشار المسلحين في الاجزاء الجنوبية والغربية والشرقية من ولاية القضارف يمثل اكبر تهديد للأمن وقد يؤثر سلباً على الموسم الزراعي.
وخلافًا للحركات المسلحة، فإن هناك مليشيات مسلحة أخرى تنشط في تجنيد المقاتلين في ولاية القضارف من بينها قوات درع السودان التي يرأسها أبو عاقلة كيكل ومجموعة مسلحة أخرى أطلق عليها اسم الكتيبة الإستراتيجية وهي قوة تتبع لناظر قبيلة البوادرة والتي تتخذ من قرية ام شجرة شرق القضارف مقرًا لها.
ويجد انتشار الحركات المسلحة والجماعات المسلحة الأخرى الموالية للجيش في ولاية القضارف، رفض واسع من قبل المجتمعات المحلية التي نادت بضرورة ابعاد الحركات المسلحة والمليشيات المسلحة من الولاية وعموم شرق السودان وتتخوف تلك المجتمعات من أن وجود هذه الجماعات المسلحة قد يولد غبناً بسبب التنافر الكبير بين هذه القوات وعدم انضباط جنودها، ويشكوا مواطنين من مضايقات تعرضوا لها من قبل جنود الحركات المسلحة والمستنفرين في بعض الارتكازات التي يشرفون عليها داخل المدينة وفي الطرق القومية.