فنون

 خليل إسماعيل .. مطرب الفنانين عملاق الغناء السوداني

تقرير: مروة عبود

الفنان الراحل خليل إسماعيل أحد عمالقة الفن صاحب الصوت العنيد العتيد والأغنيات الطروبة، والمحتفى به من رفقاء الفن والطرب، الذين أطلقوا عليه لقب مطرب الفنانين ، وقد رأوه صوت يطرب آذانهم الموسيقية ، يمتعهم بجميل أغنياته، وجميل طبقاته الصوتية،. لكنه رفض اللقب، ولقب نفسه بكبير مظاليم الإذاعة.

. ليس أول خطواته في طريق الغناء لوحدها، وإنما منذ انخراطه أول حياته في مهنة البناء، كان يضع في باله أن له الحظ في الفن والغناء، فظل يتردد على الإذاعة لإعتماد صوته، وتسجيل أولى أغنياته، و كان خليل كثير القناعة بجمال صوته وحسن أدائه وكبير التطلع للمستقبل ولدرب الفن والطرب.

وضع بصمته في مسيرته الفنية ووجد المحبة ولقب بشمهندس الموسيقى والغناء، وكانت له نكهته المختلفة وما ان يصدح إلا ويلهب المستمعين كبار وصغار بروائعه،

محمد الأمين، وأبوعركي البخيت، فآواهم الاثنين المغني صالح الضي، في بيته البسيط القريب من الإذاعة. وهو ما ألف بينهم إلفةً امتدت لخمسة عقودٍ فيما بعد، وحتى أخريات أيام خليل. وتتبدى هذه الألفة والمعرفة الصادقة عند أبوعركي البخيت، الذي جاوره في السكن، وفي التفقد المستمر، وفي المحبة المتدفقة، وفي الحديث الممتليء بالشجن عنه بعد وفاته. وكذا عند محمد الأمين، الذي ما إن يحاول ترديد أغنية لخليل إسماعيل، إلا ويمتلئ صوته بالنهنهات، وعيونه بالدمع.

ومع تفرد صوت خليل إسماعيل، و طربيته ، فقد عرف عنه الظرف الشديد، وحس الفكاهة الجميل والبديهة الحاضرة، والنكتة الظريف، وهي واحدة من الصفات التي امتاز بها عن غيره من زملائه الفنانين، ويبدو أنها ما حببه عند زملائه الفنانين، فيسمعوا جميل أغنياته، وعذب صوته، وفي ذات الوقت قفشاته الحاضرة.

أبرز ما تغناه كان للشاعر محمد علي أبوقطاطي، الذي تميزت تجربته معه بالتفرد، ووصلت قمة هذه الثنائية في أغنية الأماني العذبة، بجانب أغنياتٍ أخرى في مسيرك يالهِبيِّب، بسحروك وغيرها، لكن هناك ثلاث محطاتٍ مهمة في تجربة المغني خليل إسماعيل أولاها هي مشاركته في ملحمة أكتوبر، في النصف الثاني من الستينات وهي الملحمة الشعرية والغنائية التي وثقت لأول ثورةٍ سودانية، ضد الحكم العسكري، والتي كتبها الشاعر والمسرحي هاشم صديق، ولحنها محمد الأمين، بمشاركة مغنين آخرين: بهاء الدين أبو شلة، عثمان مصطفى وأم بلينا السنوسي.

ومثلت ملحمة أكتوبر، أو “قصة ثورة”، التي تعد أول عمل غنائي مسرحي، واحدة من علامات الغناء الوطني والثوري في السودان. حيث تم تقديمها في حفلٍ كبير، على خشبة المسرح القومي بأم درمان، في العام 1968، بمناسبة الذكرى الرابعة لثورة أكتوبر. مثلت هذه الملحمة واحدة من الروافع الفنية العاتية لتجربة خليل إسماعيل. وما يزال الناس يذكرون بكثير محبةٍ، الصوت التينور، المقارب للسبرانو، لخليل وهو ينشد المقطع الأثير: إيد في إيد حلفنا نقاوم/ ما بنتراجع، وما بنساوم.

أما المحطة الثانية في تجربة خليل إسماعيل، كانت دخوله المعهد العالي للموسيقى والمسرح، مع عدد من زملائه الفنانين، منهم بالطبع رفيقه أبوعركي البخيت. وظهر ذلك جليا في انتقالاته اللحنية، وفي كثافة الموسيقى، وحسن استخدامه وتوظيفه للآلات الموسيقية. كما تبدى ذلك في اهتمامه بالتراث الموسيقي السوداني، مثل كأغنية الكومبا، كواحدة من تنقيبات الموسيقي إسماعيل عبد المعين.

والمحطة الثالثة، لقائه بالشاعر محمد علي دفع الله، المشهور بإسم محمد علي أبو قطاطي، لكن فوق هذه المحطات الثلاثة، و لخليل إسماعيل، ورد في إحياء عددٍ من أغنيات الآخرين، التي ربما طمرها النسيان مثل “ليه ده كلو يا حبيبي”، و”كان بدري عليك”، للشاعر عبد الرحمن الريح،

في رصيد المغني خليل إسماعيل، بجانب الأماني العذبة، أكثر من خمسين أغنية، بحسب الذي تم تسجيله بالإذاعة السودانية أبرز هذه الأغنيات جبل مرة، بديع حسنك، حب ما اعتيادي، الهِبيَب، بسحروك، وغيرها الكثير،. فقدنا عملاق الفن خليل بمدينة أم درمان بالسودان عام 2007 ، بسبب الفشل الكلوي، ودفن في مقابر شرفي بأم درمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!