فنون

 شادن محمد حسين ..

وداعاً صوت السلام والفن الذي أخرسته الحرب

تقرير: مروة عبود

عند ذكر الفن والتراث الفني القومي والدارفوري خصوصا نذكر الفنانة شادن محمد حسين شهيدة الفن وشهيدة حرب أبريل التي إفتقدها المجتمع السوداني ومجتمع غرب السودان خصوصا بمكانتها في قلوب السودانيين عموما ولما قدمت من فن سوداني داخل وخارج السودان وكانت من دعاة السلام والتعايش السلمي ومساندة للإنتقال الديمقراطي وثورة ديسمبر السلمية.

 الميلاد والنشأة

ولدت شادن محمد الحسن في الأبيض، شمال كردفان، السودان عام 1986، التحقت شادن بمدرسة الشيماء النموذجية لتعليمها الأساسي، ومدرسة السيد علي الميرغني النموذجية لتعليمها الثانوي. لاحقًا، تابعت تعليمها العالي في جامعة أم درمان الأهلية، حيث تخصصت في مجال البنوك والتأمين ضمن كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، ثم تخصصت في الموسيقى، وقد نشأت شادن في أسرة عسكرية، إذ كان والدها جنرالًا متقاعدًا في الجيش السوداني، مما أتاح لها فرصة التجول في أرجاء السودان. هذا التنوع الثقافي أثرى فهمها للثقافات المختلفة في البلاد وألهمها التفاني في التراث الموسيقي والثقافي، وخاصة الغناء الشعبي والتراثي لأقاليم غرب السودان.

حضور في قضايا الوطن

كانت شادن فنانة شابة دافعت عن السلام والعدالة من خلال أغانيها وكلماتها اشتهرت شادن بلقب “الحكامة” الذي عادة ما يطلق على النساء الرائدات في دارفور وكردفان المعروفين بشعرهن وغنائهن، ولديهن سلطة كبيرة على الرجال في تلك المجتمعات، وعرف عن شادن تقديمها لأغنيات تراث غرب السودان عبر الفيديو الكليب كتجربة حديثة ساهمت في انتشارها وسط الأجيال الجديدة، كما قدمت أغانٍ للسلام باللهجة المحلية لقبائل غرب السودان، وكتبت بشكل مكثف ضد الحرب، كان لشادن دور بارز في الدفاع عن الجماعات الشعبية المناهضة للحكم العسكري، وشاركت أغانيها مع المتظاهرين السلميين خلال الثورة السودانية التي تمكنت من قلب نظام عمر البشير الذي حكم البلاد ثلاثة عقود، فكانت حاضرة بأغانيها في اعتصام القيادة ، الذي نظمه مئات الآلاف من المتظاهرين للمطالبة بالحكم المدني.

في محبة الوطن

الفنانة المحبة للتراث شادن والتي كانت باحثة في إيقاعات البقارة الأبآلة مع الآفريكان بيتز، ومهتمة بقضايا المرأة وقضايا السلام المجتمعي والتعايش السلمي الديني والعرقية ومهتمة لأمر المناطق في السودان خاصة بوادي غرب السودان فكانت الفنانة شادن تقول :”ان انسان المنطقه البسيطه في كردفان ودارفور يحتاج للاستقرار والامان فقط …هم يعشقو باديتهم يعشقوا الزراعة والرعي والتجوال مع سعيتهم …لا يريدون سوي الإحساس بالأمان ..هل هذا أصبح من المستحيلات …اذا لم يكن هناك استقرار اذا يتضاعف الموت ويقل الأكل والشرب وتشح الأرض وينعدم التعليم والصحه …هذا بالضبط ماحصل لأهلي”.

فن وتراث وتميز في الأغنيات

قدمت الفنانة شادن عدداً كبيراً من الأغنيات الرائعة، التي نالت الإستحسان على المستويين المحلي والعالمي، ومن بين تلك الأعمال (السكر حبيبا)، (عمتي)، (البل)، (يوم بكرة) وغيرها من الدرر، ومن أبرز الشعراء الذين تعاملت معهم شادن، المليح يحيى يعقوب، وهو من الحوازمة في مدينة الدلنج والدكتور يحيى حماد من المسيرية، وهو باحث فى التراث وهنالك أعمال جديدة مع الصادق أبوعشرة في دولة الإمارات وجاجا حامد جاجا، وهنالك الدكتور يوسف القديل الجبوري بالأبيض.

 بشهادة أهل الفن

الفنانة شادن تحدث عنها الناقد الفني الشيخ محمد أحمد تميم الدار أنها نجمة كردفان الأولى، مميزة جدا في منظومة الغناء المتكامل من عزف وإيقاع وحركة ولحن، وهذه الوصفات نادراً ما تتوافر في فنانة، فشادن إختطت طريق مختلف ولونية مميزة جعلتها تحتل مكانة مرموقة في خارطة الغناء السوداني.

كما كان قد تحدث عنها الفنان الكبير والناقد يوسف الموصلي فقال : ” شادن تتمتع بإمكانيات فنية مهولة، وأن اللحن غير متشابه في أغنياتها، فهي فنانة كرفان التي وُلدتْ نجمة”.

غدر وفقد أليم

بعد سقوط البشير واستيلاء قادة الجيش على السلطة، فأبت السلطة التي فرضت هذه الحرب إلا أن تحرم الشعب السوداني من شادن وفنها وحينها قامت بعمل فيديوهات مباشرة على فيسبوك تتحدث عن الاشتباكات والقصف في حيها وانتشر مقطع فيديو لها على الإنترنت تخبر ابنها بالابتعاد عن النوافذ ، وغالبًا ما تعرضت للهجوم من البر والجو من قبل الجيش السوداني قبل وفاتها بفترة وجيزة، فقتلت الفنانة السودانية شادن إثر سقوط قذيفة على منزلها في أم درمان وأصيبت بجروح قاتلة وتوفيت خلال معركة أم درمان عاش شادن في العاصمة الوطنية أمدرمان وأستشهدت فيها وأصبحت بطلة قومية فنية لا تنساها أفئدة السودانيين جميعهم وودعها الجمهور الذي أحبها في صبيحة يوم السبت الموافق الثالث عشر من مايو لعام الحرب إذ فارقت شادن الحياة وغاب صوتها الذي كان يمكن أن يصنع فارقاً في هذه الحرب وربما صنع السلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!