رأي

جرائم الجيش الكيماوية المستمرة ضد الشعب

بقلم: نجم الدين دريسة

كتب على الشعوب السودانية أن تعيش الآلام والأوجاع والانتهاكات وجرائم القتل والإبادة، وجرائم ضد الإنسانية، وفظائع لا حد لها، تندى لها الجبين وتجعل الولدان شيبًا. وكلّها، للأسف، بسبب ميليشيات “جيش ونجت” التي ظلت تخوض كل حروبها الشعواء إما ضد الشعب السوداني أو لصالح دول أخرى. وهي ميليشيا معروفة بارتهانها للدولة المصرية، علاوة على أنها، ومنذ نشأتها، ظلّت عرضة للاختطاف والاختراق، لتبقى آلة قمعية تبطش بشعوبها، وتمثل عقبة كؤودًا أمام خيارات الشعب السوداني في إرساء دعائم المشروع المدني وتحقيق الاستقلال الكامل للسودان وتوظيف موارده لصالح شعوبه المغلوبة على أمرها. هذا فضلًا عن احتكارها السلطة عبر الانقلابات العسكرية، والإجهاز على أنظمة الحكم المدني، وإجهاض الثورات والهبات الشعبية.

لا تزال الأحداث المؤسفة والمجازر البشعة التي ارتكبتها الميليشيات الموروثة عن المستعمر تطارد وجدان هذا الشعب المكلوم. والعالم أجمع يعلم ويشهد على هذه الحروب العبثية، وطواحين الموت التي تستشري في السودان وتحصد أرواح شعوب الهامش، بينما ظل المجتمع الدولي، طوال هذا التاريخ الطويل من القمع، يتموضع في مربع الإدانة والاستنكار، في حين تتربّص الوحوش البشرية بهذه الشعوب، تمارس البطش والتنكيل والقتل والسحل، بل وتُبيد ما يزيد عن ثلاثة ملايين نفس دون أدنى إحساس بالذنب أو الخوف من حساب أو عقاب.

وقد تم الكشف عن أدلة دامغة تثبت وتؤكد استخدام ميليشيات الجيش للأسلحة الكيماوية، ليس فقط بعد حرب الخامس عشر من أبريل، التي أشعلتها جماعة الهوس الديني المختطفة لهذه الميليشيا المشوّهة التي نشأت منذ الاستعمار، بل هناك تقارير تحتوي على أدلة موثقة من خلال تحقيقات أجرتها منظمات عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر، منظمة العفو الدولية، التي تحصلت على شواهد وأدلة دامغة ومروّعة عن الاستخدام المتكرر لأنواع متعددة من الأسلحة الكيميائية. كما تم استخدامها في مناطق أخرى من السودان، كإقليم دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان. وتشير جميع التقارير إلى تفشي أمراض خطيرة بشكل غير معهود في العديد من المناطق نتيجة قصف الطيران، إضافة إلى تلوث الهواء والماء، خاصة في ولاية الخرطوم، إلى جانب تزايد حالات الإجهاض بين النساء، الأمر الذي يعزز مزاعم الولايات المتحدة الأمريكية بشأن استخدام الجيش للأسلحة المحرّمة دوليًا، مثل غاز الخردل والفسفور، وغيرها من الأسلحة، عبر سلاح الطيران الذي ظل يقصف المدنيين يوميًا بمساعدة سلاح الجو المصري.

وهنا نتساءل: ما الذي يدفع الدكتورة أماني الطويل، الصحفية والباحثة في مركز الأهرام، والتي تقدم نفسها كباحثة في الشؤون السودانية، إلى استنكار العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على الجيش السوداني؟ رغم أن كل الدلائل تشير إلى تورط الجيش المرتهن للدولة المصرية في استخدام الأسلحة الكيميائية والمحرمة دوليًا.

إن العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على ميليشيا الجيش تُعد خطوة في الاتجاه الصحيح، لا سيما أن هذا الجيش المختطف يستخدم الأسلحة المحرّمة دوليًا في مناطق مأهولة بالسكان، وبشكل ممنهج. وكل مشاهد التوحش والتنكيل التي عاشتها الشعوب السودانية لا تحتاج إلى تحقيقات جديدة، فهي جرائم واضحة لكل من ألقى السمع وهو شهيد.

إن ميليشيات جيش البرهان، ومنذ اندلاع هذه الحرب، وبمساعدة دول الشر، ظلت تستخدم الأسلحة المحظورة دوليًا، ومثل هذه القرارات لا تصدر عن الإدارة الأمريكية ما لم تكن مسنودة بحقائق واضحة وأدلة دامغة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!