حوارات

رئيس ثوار الدولة السودانية الجديدة (لجان المقاومة المشتركة) .. 

شعار (حرية سلام وعدالة) كان تهديداً مباشراً لمصالح مراكز القوى القديمة سواء من داخل المؤسسة العسكرية أو من فلول النظام السابق..

الباشمهندس أحمد السيد باتيا ..  

  • جاءت ثورة أبريل المحمية بالبندقية، ليست كخيار مبدئي للعنف، بل كضرورة دفاعية.. ولم يتخلَّ الثوار عن قيمهم
  • شعار (حرية سلام وعدالة) كان تهديداً مباشراً لمصالح مراكز القوى القديمة سواء من داخل المؤسسة العسكرية أو من فلول النظام السابق..
  • بدأ وكأن تصفية الثورة كانت من بين أهداف حرب (15) أبريل

نيروبي: التنوير

حوار متعدد المنافذ يجابه الحقائق، ويوضح مسارات التحول بالنضال الثوري وصولا لتاريخ العهد الجديد، عن تاريخ طويل من النضال ضد نظام الاستبداد السابق والحرب والتنكيل بالثورة والثوار منذ ديسمبر وحتى أبريل، ثم معاداة الثورة بتصريح الفريق البرهان علناً وإعلانه الحرب على الشعب وثورته، وهذا ما قاد للحديث عن صمود الثوار في الحرب ضد النظام الإسلامي المتطرف، وتقديم العون للمجتمع، رغم الظروف وتحديات عظيمة واجهتهم في الحرب للقيام بدورهم كلجان مقاومة ثورية، ثم الانتقال بالعمل الثوري إلى مرحلة التأسيس، وعظم المسؤولية تجاه بناء وطن جديد خال من مخلفات الظلم والتهميش، لا إرهاب ولا عنصرية، يرسل (باتيا) رسالة للمجتمع الدولي أن السودان بلد الوحدة والسلام في ظل حكومة (تأسيس)..

* تاريخ من النضال خاضه الشارع ضد نظام الاستبداد والمظالم على مر تاريخ السودان..

– بدأت البذور الأولى للنضال الثوري، من مجموعات صغيرة تعمل في الخفاء وتتبادل المنشورات سراً وتعقد لقاءات في أماكن غير متوقعة في الخفاء، وكنا ثقة وعلى درجة عالية من الإيمان بأن التغيير قادم مهما طال الزمن. القمع الأمني كان شديداً والاعتقالات عشوائية والتعذيب ممنهج، وكل ذلك لم يمنع مواجهة الظلم..ومع كل جولة قمع كان هنالك جيل جديد ينشأ أكثر وعياً وأكثر تصميماً على التحرر.. وهذه البداية الصعبة صنعت جيلاً لا يعرف الخوف.. وكانت هذه هي اللبنة الأولى لما أصبح لاحقاً شارعاً ثورياً حياً لا يهدأ.

* الحرب استهداف وانتقام من ثورة الشعب، وتنكيل بكل من خرج رافضا للظلم والتهميش..

– شعار (حرية، سلام وعدالة) كان تهديداً مباشراً لمصالح مراكز القوى القديمة، سواء داخل المؤسسة العسكرية أو من فلول النظام السابق.. تعرض الثوار لحملات اعتقال وتعذيب وقتل، وتم استهداف لجان المقاومة الحية بشكل مباشر إذ جُعلت هدفا مباشرا وواضحاً للاغتيال والتشتيت.. لم يكن الأمر مجرد عرض جانبي للحرب، بل بدأ وكأنه تصفية الثورة كانت من بين أهداف هذه الحرب.. كما تعرضت الاحياء الثائرة لعمليات حصار وتجويع وتهجير سكانها قسراً في بعض المناطق من كثرة ضرب الطيران.

* تغيرت الأدوات بفرض واقع الحرب وانتقلت الثورة من ديسمبر إلى أبريل المجيدة..

– حقيقة، هذه طبيعة الواقع الجديد ففي ديسمبر، كانت السلمية هي السلاح الأقوى، واجه بها الثوار الرصاص بصدور عارية، وحققوا بها ما بدأ مستحيلا إسقاط رأس النظام. لكن في أبريل، ومع اندلاع الحرب الشاملة، تغيرت المعادلة. لم يعد القمع أمنيًا فقط، بل أصبح عسكريًا مدمّرا، ونظام يستخدم الطائرات والمدفعية، ويستهدف المدنيين بلا تمييز، وجدت بعض قوى الثورة نفسها أمام خيارين وجوديين، إما الدفاع عن النفس والمجتمعات، أو الفناء.

من هنا جاءت “ثورة أبريل المحمية بالبندقية”، لا كخيار مبدئي للعنف، بل كضرورة دفاعية ولم يتخلَّ الثوار عن قيمهم، لكنهم اضطروا للتعايش مع ذلك، والمساعدات، في مواجهة نظام بائد يقتل وينهب بلا رحمة، أصبحت البندقية أداة بقاء، وليست وسيلة للانقلاب على السلمية، بل امتداداً لها في زمن الحرب.

ورغم عسكرة بعض الجوانب، لا تزال الجذوة المدنية والثورية حية في التنظيم الجماهيري، الدعم الإنساني، إعلام المقاومة، وفي التمسك بهدف الدولة المدنية الديمقراطية وسنداً لحماية الديمقراطية.. البندقية، هنا ليست نهاية الثورة، بل وسيلتها للاستمرار في وجه الفناء والمجد للساتك.

* الرد الحاسم على خطاب البرهان أن البندقية إن لم تكن لأجل الشعب فهي دكتاتورية القمع والاستبداد..

– ردّنا على خطاب الفريق البرهان الذي مجّد فيه البندقية وقال: “لا مجد للساتك مجددًا”، هو أن هذا الخطاب يمثل جوهر الأزمة السودانية، ويكشف عن عقلية البرهان الذى لطالما اختزل المجد في فوهة البندقية، لا في بناء الوطن. اللساتك هي التي واجهنا بها الرصاص بالسلمية في ديسمبر – هي من ألهبت ضمير الشعب، وأسقطت الديكتاتور، وفتحت بابًا للحلم بدولة مدنية. المجد الحقيقي لا يُقاس بكمّ السلاح، بل بقدرة الشعب على الصمود، على التنظيم، وعلى التضحية من أجل مستقبل حر وعادل. أما البندقية، فإن لم تكن في خدمة الشعب، فليست سوى أداة قمع واستبداد، مجّدها البرهان لأنه لا يعرف غيرها، أما نحن نعرف أن المجد في الكلمة، في الموقف، في الثورة التي تقاتل من أجل الحياة، لا من أجل الكرسي.

خطاب البرهان ليس جديدًا، هو إعادة تدوير لنهج شمولي يحاول شيطنة السلمية وتبرير الانقلابات، لكنه لن ينجح في قتل الذاكرة. من حمل الساتك اليوم قد يحمل البندقية دفاعًا، لكنه لن ينسى أن البداية كانت سلمية… وأن النصر النهائي لا يكون إلا بثورة تعيد للسودان إنسانيته.

* لجان المقاومة كانت السند الشعبي للمجتمع قدمت الكثير طيلة سنتين من عمر الحرب..

– أبرز ما قدمناه في لجان المقاومة المشتركة ثوار الدولة السودانية خلال الفترة الماضية يتلخّص في عدة محاور، رغم قسوة الحرب وتعقيد الواقع، تم التنسيق على مستوى توصيل الإغاثة، فقد كنا شركاء في غرف طوارئ موحدة على مستوى الأحياء والمدن لتنسيق توزيع الغذاء، الدواء، والمياه، خاصة في المناطق المنكوبة . عملنا على إنشاء نقاط إسعاف ميدانية رغم خطر القصف الجوي. تثبيت سلطة الشعب محليًا حيث أنشأنا لجان إدارة ذاتية مؤقتة على مستوى الأحياء لإدارة الخدمات والاحتياجات، كجزء من رؤية “بناء القاعدة”. هذا شكل نواة لحكم ديمقراطي من القاعدة، لا ينتظر عطف المركز أو الفلول. ومقاومة الحرب إعلاميًا وميدانيًا فقد أطلقنا حملات توثيق للجرائم والانتهاكات، وفضح خطاب الحرب والكراهية والعنصرية، وواجهنا محاولات اعلام الفلول لتشويه الثورة. أصدرنا بيانات موحدة تعكس صوت الشعب وحماة الديمقراطية. تمسكنا بمبادئ الثورة وحماية المدنيين. المحافظة على وحدة الصف الثوري، عملنا جاهدين على ربط اللجان في مناطق مختلفة، رغم النزوح والانقطاع، لضمان بقاء الخط الثوري موحدًا، مستقلًا، ورفضاً لتوظيف الحرب لأجندة سياسية. وفي محاولة منا لرسم ملامح ما بعد الحرب بدأنا النقاشات مع قوى ثورية أخرى حول رؤية مشتركة لبناء الدولة الجديدة: مدنية، ديمقراطية، لا مركزية، قائمة على سلطة الشعب لا السلاح. التغيير الشامل وبناء سودان جديد قائم على الحرية والديمقراطية والعدالة. وأهم أهدافنا في لجان المقاومة ليست فقط إسقاط الأنظمة، بل قيادة مع ثورة التغيير تُنهي إلى الأبد منطق السودان القديم الذي قاد البلاد إلى المظالم التاريخية، التهميش، الانقلابات، والحروب الأهلية.

نحن نعمل من أجل سودان حر ديمقراطي تُبنى فيه السلطة من القاعدة إلى القمة، لا من فوق على حساب الناس، تُرد فيه الحقوق للمهمشين والمغبونين، وتُؤسس فيه دولة مدنية عادلة، تمثل الجميع ولا تستثني أحدًا. ونرفض أي عودة لمنظومات الاستبداد بثوب النخب السياسية التقليدية، ونجدد العهد بأن ثورتنا مستمرة حتى يتحقق هذا الحلم الجماعي الذي سُقي بدماء الشهداء.

* ثوار الدولة السودانية شريك أصيل حول أهداف حكومة (تأسيس) لبناء وطن يشمل الجميع وليس لممارسة العمل السياسي

– إلتزامنا التام بمضامين ميثاق تأسيس باعتباره تعبيراً عن الإرادة الجماعية لقوى الثورة الحقيقية، لا النخبوية أو الصفقات السياسية، نؤكد أن حكومة التأسيس تضمن التزامها بأهداف الثورة وثورة التغيير نعلن أن تواجدنا داخل حكومة التأسيس – إن حدث سيكون فقط ضمن هذا الإطار الثوري الواضح.

* تطلبات المرحلة تقتضي خطط وآليات تناسب البناء والمستقبل..

– هذا طرح مهم يوضح ويعكس وعياً بضرورة تجديد أدوات الثورة لمواجهة تحديات المرحلة.. خططنا واهدافنا للإنتقال بالعملية السياسية نحو بناء السودان الى مسار ثوري حقيقي يحقق تطلعات شعبنا.. وإعادة تشكيل أدوات الفعل الثوري، التأسيس من القاعدة الى القمة، تقديم بدائل واضحه للسلطه والسياسات، مخاطبة الشعب بلغة المشروع التفاؤل والأمل حتى تعيد بناء دولته على أسس الحرية والعدالة والسلام.

* مرحلة الدولة الجديدة تتطلب قيادة الشارع الثوري وفق متطلبات العهد الجديد..

– جوهر التحول هو في تغيير قيادة الشارع الثوري، قبل ميثاق التأسيس القيادة كانت لامركزية وعفوية في كثير من الأحيان، تستند إلى تنسيقيات لجان المقاومة التي تتحرك على أساس الحدث أو الانتهاك. لم تكن هناك مرجعية سياسية موحدة أو ميثاق جامع يربط بين التنسيقيات أو يحدد بوضوح مشروع السلطة البديلة، والاعتماد الأكبر كان على الشعارات الجامعة والتكتيك الميداني (مواكب، عصيان مدني)، دون وجود رؤية واضحة للسلطة المدنية البديلة أو مسار تأسيسها. أما بعد ميثاق التأسيس (نيروبي) ظهرت مرجعية سياسية مشتركة بين عدد من الأجسام عبر الميثاق، حددت بوضوح مشروع السلطة المدنية، ووضعت آليات تأسيسها من القاعدة إلى القمة.

الفرق الأساسي أن ما قبل الميثاق كان فعل مقاومة، أما ما بعد الميثاق فهو فعل تأسيس. أي أن الشارع الثوري انتقل من مرحلة الدفاع إلى مرحلة البناء، ومن رد الفعل إلى المبادرة.

* لجان المقاومة عهد وميثاق لم يتزحزح من أجل تحقيق سودان جديد

– بكل اعتزاز أوجه رسالة إلى شباب وشابات لجان المقاومة، الذين ظلّوا أوفياء للعهد والوعد، رسالة إلى شباب وشابات لجان المقاومة ثوار الدولة السودانية الجديدة الصامدين على طريق الثورة وبُناة السودان الجديد، يا من حملتم أحلام هذا الوطن على أكتافكم، يا من سهرتم في المتاريس، وواجهتم الرصاص بالهتاف، والخذلان بالإصرار، والخوف بالشجاعة..أنتم، من صانوا جذوة الثورة حين ظنّ البعض أنها خمدت، وأنهوا وهم العودة إلى الوراء. لقد أثبتم، مرارًا وتكرارًا، أن التحول الديمقراطي الحقيقي لا يُمنح، بل يُنتزع، وأن بناء السودان الجديد لا يأتي من موائد التسويات، بل من عرق الساحات ونبض الشارع الحر.. ورسالتنا لكم “ابقوا كما أنتم… أصل الحكاية وبدايتها ونهايتها. لا تنتظروا من أحد أن يمنحكم شرعية… أنتم مصدر الشرعية. لا تنكسروا مهما طال الطريق، فالشهداء من عليائهم يراقبون عهدكم. ولا تقبلوا بأقل من وطن يليق بتضحياتكم… وطن حر، ديمقراطي، عادل، تسوده قيم الثورة. أنتم قلب السودان الجديد، ونبضه، وعنوانه. وإننا على العهد باقون، وعلى الطريق سائرون، لا نساوم، لا نهادن، ولا نلين. الحرية… السلام… العدالة وللسودان الجديد قادم لا محالة، بكم أنتم، وبإرادتكم التي لا تُقهر. ”

* حقوق الشعوب بينة المعالم غير خفية، المظالم لا حياد فيها..

– نوجه رسالة للمجتمع الدولي، بعيداً عن المجاملات الدبلوماسية والخطابات النمطية، فما يحدث في السودان بوضوح ليس صراعاً بسيطاً.. فمواقف الحياد المتوازن في وجه الإبادة والإنتهاكات بأبشع صورها مشاركة ضمنية في الجريمة..وتقارير الإدانة وحدها لا تحمي حياة ولا توقف قصفاً ولا ذبحاً ولا تحقن دماً.

نحن لا نطلب منكم إنقاذاً بل لا تعيقونا نحن نملك الإرادة والوعي والقدرة علي بناء وطن جديد فقط لا تضعوا أيديكم في يد من يسفكون الدماء عبر قصف الطيران ومنع الإغاثات ومحاربة الحياة لهذا الشعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!