تردي خدمات الصحة والتعليم .. هل فشلت (حكومة بورتسودان).؟

التنوير: مروة
أزمة إنسانية ذات أبعاد كارثية تحول بالمواطن السوداني وهذا يشمل القطاعات الحيوية المتعلقة بالصحة والخدمات والتعليم التي هي مقومات الحياة دون رفاهية وظل المواطن يتساءل عن ماهية الفشل في حصوله على ذلك خاصة بعد الأوضاع الكارثية التي مرت به بداية من الفقر والجوع والمعاناة والأمراض والتي كان أخرها الكوارث الصحية والأوبئة المنتشرة التي أثارت الرعب بعد أعداد الموتى المهولة خلال الأيام الماضية.
كوارث لا تنتهي
أفادت منظمة الصحة العالمية في تقارير لها إن الوضع الإنساني المعقد والذي تفاقم بسبب الهجمات على المرافق الصحية، لا يزال يعيق التدخلات الصحية الحيوية، بما في ذلك الاستجابة للكوليرا والحصبة وسوء التغذية.
في ظل هذه الصورة القاتمة، أفادت المنظمة بتسجيل ما يقرب من 60 ألف حالة إصابة بالكوليرا في السودان، مما أسفر عن أكثر من 1640 حالة وفاة، في الوقت الذي تواصل فيه دعمها للبلاد من خلال ركائز الاستجابة المتعددة وقد أشارت المنظمة إلى وجود نقص في وظائف الإنذار المبكر والتنبيه والإستجابة في السودان والدول المضيفة للاجئين، مما يُعيق رصد انتقال الأمراض داخليا وعبر الحدود، والقدرة على اتخاذ قرارات تشغيلية تستند إلى الأدلة. كما أكدت المنظمة أن هناك نقصا في الكوادر الطبية ووصول محدود للمياه ومستلزمات النظافة.
وقد صرحت الدكتورة حنان بلخي، مديرة منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط: “إن هذه الأزمة تمزق النظام الصحي في السودان؛ فلقد نفدت الإمدادات من المستشفيات، والعاملون الصحيون معرضون للمخاطر، والأمراض منتشرة في مناطق يمكننا بصعوبة شديدة الوصول إليها. ومع حلول موسم الأمطار، ستتضاعف المخاطرُ الصحية وستزداد صعوبة الوصول إلى أولئك المحتاجين للمساعدة. لذا، فإننا بحاجة إلى تأمين وصول سريع وتمويل عاجل لكي نقدم الرعاية الأساسية لملايين الأشخاص المعرضين للخطر”.
الصحة والخدمات
ومع إنهيار النظام الصحي في السودان هناك توقف الخدمات وهذا مرتبط ببعضه حيث مشكلة المياه والصرف الصحي خاصة داخل العاصمة الخرطوم التي بعد دخول قوات الجيش إليها وما تم من قتل وتصفيات ووجود للجثث المتعفنة والمتحللة التي أنذرت بتفشي الأوبئة، وقد حدث، وقد تم خروج عديد من المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة بسبب تردي الأوضاع، معناة المواطن لا تنتهي في ظل غياب خدمات الكهرباء والمياه بل إن من أخطر الكوارث مشكلة مياه الشرب في الخرطوم التي تتفاقم بسبب عدة عوامل، من بينها إنقطاع الكهرباء وتلف البنية التحتية، مما يؤدي إلى توقف محطات معالجة المياه وإغلاق الآبار، وأصبحت الصورة المرئية داخل العاصمة السودانية الخرطوم، إصطفاف السكان في طوابير طويلة للحصول على المياه من آبار قديمة أو عربات لجلب المياه،ويقول “وائل” وهو عضو في إحدى غرف الطوارئ بالخرطوم، وكان متطوعا في توفير المياه للسكان ”ظهرت عدة حالات إصابة بأمراض مختلفة وسط المواطنين في ضاحية شرق النيل، والحاج يوسف نتيجة شرب ملوثة، حيث اضطر بعض السكان إلى الشرب من الآبار القديمة، وآبار الصرف الصحي الموجودة داخل المنازل من أجل ري عطشهم، بعد أن جفت كل مصادر المياه الصالحة جراء انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة”.، وقد كانت هناك خدمات يقدمها شباب لجان الطواريء والتي توقفت بسبب الإعتقال التصفيات تجاه أفراد لجان المقاومة بالأحياء والتي تتم بواسطة كتائب الجيش ومنسوبيها من القوات المساندة، إضافة لقرار والي الخرطوم لحكومة بورتسودان الذي قضى بحلها وإغلاق التكايا التي كانت تشوف عليها، مما آوقف الجهد الذي كانت تقدمه هذه اللجان .
التعليم عامين من الدمار والتمييز
في بيانات لها «يونيسيف»: هذه أسوأ أزمات التدريس في العالم… معلمون بلا رواتب ومدارس منهارة وثكنات عسكرية في السودان.
فحكومة بورتسودان التي وظفت ميزانية الدولة للأمن والدفاع ، وأهملت التعليم في ظل أن أكملت الحرب عامها الثاني هناك أثر كبير على التعليم، فقد ضاع حوالى عامين دراسيين، وتأثر لما يزيد على 90 في المائة من الأطفال في البلاد، وعددهم 19 مليوناً في سن الدراسة، و17 مليوناً منهم خارج المدارس حالياً، بينهم 7 ملايين خارج النظام التعليمي قبل الحرب، مما جعل البلاد تعاني «أسوأ أزمات التعليم في العالم»، كما وصفتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة ” يونسيف”، كما يقول المتحدث باسم «لجنة المعلمين»، سامي الباقر، في تصريح له:”إن 240 ألف معلم من العاملين بالتعليم في السودان لم يحصلوا طوال الحرب على أكثر من راتب شهر أو شهرين في الحد الأعلى، عدا ولاية البحر الأحمر، أما ولاية نهر النيل فصرفت مرتبات بين تسعة وعشرة أشهر، وصرفت الولاية الشمالية رواتب سبعة أشهر، وهي الولايات التي تعد آمنة نسبياً”.
وقد تحولت بعض المدارس إلى ملاذ للنازحين، فضلا عن إحتلال وتدمير بعضها من طرفي الحرب، وتعطلت الدراسة لحوالي عامين، وهاجر الملايين إلى دول الجوار، وتم التحاق بعض الأبناء بمدارس وجامعات دول الجوار مثل مصر وتفاقمت أوضاع المعلمين جراء إغلاق المدارس، وأصبح مستقبل طلاب الشهادة السودانية في مهب الريح، فضلا عن الخلل في الامتحانات الجزئية التي تهدد وحدة البلاد، وتأتي قرارات فتح المدارس ذرا للرماد في العيون، ، فبدون وقف الحرب ورجوع النازحين لديارهم، لا يمكن استقرار التعليم وامتحانات الشهادة السودانية التي دخلت ميدان الصراع السياسي والعسكري مع الدعم السريع علما بأن التعليم حق للجميع. وقرارات فتح المدارس دون توفير مقومات التعليم من تأهيل وتعمير المدارس وخروج النازحين منها لمناطقهم وديارهم وتحسين وضع المعلمين واستقراره، وتوفير الكتاب المدرسي وبقية مقومات التعليم.
إضافة لمواصلة فرض رسوم باهظة على طلاب الشهادة السودانية (١٠٠الف جنية) لتمويل الحرب.
فما هو المدخل لإصلاح التعليم؟
وبعد إمتحانات الشهادة السودانية التي شملت فئات محددة وتم إقصاء الملايين منه بحجة وجودهم بمناطق سيطرة الدعم السريع كحواضن مرفوضة من نظام بورتسودان غاب الهدف من التعليم الذي هو توفير المعارف الأساسية والضرورية للطلاب بهدف إعدادهم للحياة ، وتجعلهم يواصلون التعليم و الدراسة باستمرار مع ثورة المعلومات التي نعيشها ، كما تهدف إلى تأهيلهم بالمهارات والحرف المعينة لكي يساهموا في بناء المجتمع وتغييره إلى الأفضل، إذ يبقي من المهم توفير مقومات التعليم من مباني وبيئة صالحة ومعلم وطالب ومناهج.
أزمة ثلثي مواطني البلاد
حقوقيون يقولون: “إن ثلة مشاكل يعاني منها المواطنون في السودان والمحرومون من حقوقهم في التعليم والصحة والأوراق الثبوتية”.
وقف الكثير من المراقبين للشأن الإنساني في السودان عند مشكلة التمييز في الحقوق بالصحة والخدمات والتعليم من قبل حكومة بورتسودان، وأن هذه الحقوق أصيلة كفلها الدستور والقوانين، لكن سياسات البرهان ومجموعته في بورتسودان لم تراعي حقوق المواطنة في ظل أزمات الحرب الآنسانية المتفاقمة، بل ذهب البعض إلى أن ذلك جزء من مخطط فصل للسودان أستخدم فيه التمييز والإقصاء وهضم حقوق المواطنة الأساسية، كحرمانهم من المستندات والأوراق الثبوتية والإجراءات المصرفية بإصدار عملة في مناطق معينة، وتمييز الطلاب بإمتحانات الشهادة السودانية في مراكز مدن سيطرة الجيش فقط، وتوقف الكثير عند حرمان المواطن في مناطق سيطرة الدعم السريع من المساعدات الإنسانية المقدمة من المجتمعين الدولي و الإقليمي.
حقائق ومعوقات
والراصد َالمراقب للأحداث يرى بوضوح مشكلات لا يمكن تجاوزها تواجه نظام بورتسودان الذي تم تقييم فشله تجاه المواطن في عدة أسباب الأبرز بينها:
< التحالف بين القيادة العسكرية والإسلاميين لا يمكن أن يستقر لفترة طويلة نظراً لتضارب المصالح الإقتصادية، إذ يُسيطر الإسلاميون على شبكات اقتصادية موازية تشمل شركات الأمن وتجارة الذهب والعقارات، وهو ما يحد من قدرة الجيش على التحكم في الموارد. كذلك، فإن التوترات بين الضباط غير الإسلاميين داخل الجيش والحركة الإسلامية تخلق بيئة استثمارية واقتصادية غير مستقرة.
< تعتمد حكومة بورتسودان على إيرادات الموانئ والجمارك بشكل رئيسي، لكنها تفتقر إلى السيطرة على القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة. ومع تدمير الإنتاج الزراعي بسبب الحرب، زاد الاعتماد على الواردات وارتفعت معدلات التضخم.
< تتردد القوى الإقليمية الحليفة في الاستثمار بسبب مخاوفها من النفوذ الإسلامي، وخشيتها من دور هذا النفوذ في تأجيج الحرب وعدم الاستقرار. نتيجة لذلك، قد تضغط هذه الدول على حكومة بورتسودان للوصول إلى تسوية سياسية تتعارض مع مصالح الإسلاميين.
< تستهلك نفقات الحرب نصيباً كبيراً من الميزانية، الأمر الذي يؤدي إلى قلة الموارد المخصصة للخدمات الأساسية والتنمية. كذلك، فإن استمرار الصراع يُعيق أي تخطيط اقتصادي على الأمد الطويل، حيث تحتل النفقات العسكرية صدارة الأولويات على حساب السياسات الاقتصادية المستدامة.
خلاصة
تفتقر حكومة بورتسودان إلى الاعتراف الدولي والمحلي بصورة واسعة، ما يعيق قدراتها على توقيع الاتفاقيات الدولية أو جذب الاستثمارات وفي ظل اعتماد الإقتصاد السوداني، بشكل كبير، على المساعدات والتجارة والاستثمارات الدولية، فإن عدم الاعتراف الدولي يترك البلاد في عزلة إقتصادية مما تكون نتيجة ذلك المباشرة هي فشل بورتسودان في التعاطي مع القضايا الأساسية المتعلقة بالمواطنين وتقديم لهم ما يمكن أن يجعل الحياة تستمر رغم ضغوطات الحرب.