مع تدهور الأوضاع .. اتهامات للجيش والحركات برفض مغادرة المدنيين الفاشر واستخدامهم دروعاً بشرية
تقرير خاص

الفاشر : (خاص التنوير)
تزداد الأوضاع الأمنية والمعيشية داخل مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، تعقيداً يوماً بعد يوم وسط مخاوف جدية من انعدام الغذاء والدواء ومياه الشرب النقية بصورة كلية خلال فترة وجيزة.
وبرغم صعوبة العيش والبقاء داخل عاصمة شمال دارفور يرفض الجيش والحركات المسلحة، المتحالفة معه مغادرة المدنيين الراغبين في الخروج من خطوط نحو مناطق اكثر أمنًا في طويلة وبقية مدن دارفور الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع.
وتعيش الفاشر، منذ ابريل 2024 في حصار خانق ازدادت وتيرته بعد أن بسطت قوات الدّعم السريع، سيطرتها على كامل القرى والمدن الواقعة في جنوب وغرب وشرق وشمال مدينة الفاشر، ويقول مواطنين يقيمين داخل مدينة الفاشر ان الاوضاع الامنية والإنسانية تزداد صعوبة مع مرور الوقت.
وقال احد المدنيين مفضلاً حجب إسمه لـ”التنوير” لدواعٍ أمنية، ان اغلب الأسر الموجودة في احياء الدرجة الاولى وابوشوك الحلة وغيرها من الاحياء ترغب في مغادرة مدينة الفاشر، لاستحالة البقاء بداخلها بسبب استمرار المواجهات العسكرية وانعدام الغذاء والصعوبات في الحصول على مياه الشرب النقية علاوة على الانتهاكات التي يتعرضون لها من قبل ارتكازات الجيش اثناء تحركاتهم لقضاء احتياجاتهم اليومية، ويشير في حديثه ان ارتكازات الجيش الموجودة داخل مدينة الفاشر ترفض مغادرة الأسر وقامت بمنع العشرات وارجاعهم من الطرقات دون ان تقدم تفسيرًا لهذا المنع.
واستمعت “التنوير” لشهادات ثلاثة من الأسر تقيم في مخيّم أبوشوك شمال الفاشر، وقال أحد أفراد الأسرة أن الجيش منع أسرته الذين من بينهم أطفال وعجزة وكبار سن وأصحاب أمراض مزمنة يقيمون في أحياء أبو شوك الحلة والدرجة الأولى، من مغادرة الفاشر، حيث جرى إرجاعهم من بوابة (شالا) برغم حوجتهم الماسة للعلاج غير المتوفر في الفاشر.
وافاد، ان اسرته قدمت وثائق تثبت حوجة والده السبعيني للعلاج وهو ما يستدعي مغادرته الفاشر بعد أن تدهورت حالته الصحية وعدم مقدرة على المشى ومع ذلك قال بان ارتكاز بوابة سجن شالا رفض لهم المغادرة وقام بارجاعهم لداخل الفاشر.
وأوضح أن منع المدنيين من مغادرة خطوط النار يُعد جريمة مكتملة الأركان، داعيًا المنظمات الدولية إلى إجلاء كل الراغبين وتوفير ممرات آمنة للوجهات التي يريدون الذهاب إليها.
استخدامهم دروع بشرية
ويتهم الناشط في قضايا دارفور ياسين أحمد الجيش وحلفائه باتخاذ المدنيين دروعاً بشرية داخل مدينة الفاشر ومعسكر ابوشوك شمال المدينة، لرفضه مغادرة العالقين لمواقع أكثر امنًا، وقال في حديثه ل”التنوير” انه يستحيل العيش داخل مدينة الفاشر في ظل استمرار المواجهات العسكرية بين اطراف النزاع وهو ما يستدعي توفير ممرات آمنة لترحيل كل المدنيين.
واكد ان الوضع في الفاشر كارثي ويتجه نحو الأسوأ، لكون أن المدنيون عالقون في خطوط النار ويعانون من الجوع والخوف والاعتقال، مع رفض الجيش فتح أي ممرات انسانية آمنة، ورأى بأن رفض فتح الممرات واستخدام المدنيين كدروع بشرية يمثل انتهاكاً صارخًا للقانون الدولي الإنساني ويستوجب تحركًا عاجلاً من المجتمع الدولي والمنظمات الإنساينة.
وتحدث، ان الجيش والحركات المسلحة، ينصبون ارتكازاتهم داخل الاحياء السكنية، علاوة على معسكر ابوشوك والذي قال بأن فصيل تحرير السودان المجلس الانتقالي قيادة صلاح رصاص ينتشر داخل معسكر ابوشوك بعد ان نصب 6 ارتكازات على الأقل داخل المخيّم بما في ذلك ارتكاز داخل سوق نيفاشا.
مبادرات للإجلاء
وسبق ان أطلق تحالف السودان التأسيسي غضون الأشهر الماضية مبادرة بإجلاء العالقين داخل مدينة في اعقاب التدهور الأمني داخل المنطقة تكللت باجلاء مايزيد عن 80 الف شخص يقيمون الآن في طويلة وعدد من مناطق اقليم دارفور الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع.
الجيش يرفض
وسبق وان رفض الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة، مبادرات تم الدفع بها من قبل حركة تحرير السودان قيادة عبدالواحد نور وتحرير السودان المجلس الانتقالي قيادة الهادي ادريس وتجمع قوى تحرير السودان الذي يرأسه الطاهر والتي تدعو لانسحاب الجيش من مدينة الفاشر وتسليم ادارة المدينة للحركات المسلحة المُحايدة، كما ان قوات الدعم السريع سبق وان طالبت المواطنين باخلاء المدينة مع التعهد بحسن المعاملة وفتح ممرات آمنة.
ويقول مراقبون ان رفض الجيش اخلاء مواقع داخل مدينة الفاشر اسهم في تعمق الاوضاع المعيشية.
تضييق وإعتقالات
وخلافًا لرفض مغادرة الأسر مدينة الفاشر، فإن الجيش والحركات المسلحة، ينفذون حملات اعتقالات واسعة تطال المواطنين داخل مدينة الفاشر بعد توجيه اتهامات للمعتقلين بالتخابر لصالح الدعم السريع، وهو ما ينفيه احد المواطنين تحدث لـ”التنوير” قائلاً بأن اغلب المعتقلين هم مدنيين أبرياء لا علاقة لهم بأي من أطراف النزاع العسكري وكشف عن تعرض شقيقه وهو طالب في جامعة الفاشر ارتكاز سوق الفاشر في يوليو 2024 واقتياده الى معسكر “اليوناميد” سابقًا.
وأشار أنهم لا يعلمون ماذا كان حيًا أم توفي في المعتقل بعد أن فشل كل المحاولات لإطلاق سراحه، وافاد عن تلقيه لمعلومات تشير إلى ان الجيش يحتجز عشرات المدنيين داخل قيادته الرئيسية بجانب معتقل في معسكر اليوناميد وهو احد المواقع الخاضعة لسيطرة الحركات المسلحة، مبيناً أن اغلب المعتقلين يعيشون في ظروف انسانية بالغة التعقيد في ظل انعدام الغذاء والدواء، وبيّن أن من بين المعتقلين من هم يعانون من امراض مزمنة كالسكري والضغط.