
معايير عجيبة وضعها دكتور كامل إدريس رئيس وزراء حكومة بورتسودان المعين من البرهان، خرج إدريس إلى الناس بتخريمات دراماتيكية لاختيار الوزارة متجاهلاً وضعيته في سلطة قطع رؤوس الشباب واراقة كل الدماء. خرج كميل في خطاب متلفز ينشد الأماني والمعاني في عهد البلابسة وسفهاء الحروب، فكأنما هو صادق المهدي هذا الزمان، حيث وقف يلوك الحديث في (سِندكالية) غريبة لن تجدها حتى في أفلام الهنود، وقف يحكي كلاماً خيالياً يريد من خلاله بناء حكومة الأمل المدنية يقصد الحكومة (البرهانية).. التي تتمتع بالصدق والأمانة والشفافية والتسامح، وانها ستوفر العيش الرغيد ورفاهية الإنسان في زمن التسلح والاستنفار، ولا يخشى هذا (الافندي).. ان يمارس ابتزازا رخيصاً على اي مواطن يبحث عن السلام والأمان.!
وحتى لا يشغل كامل إدريس الرأي العام السوداني بهذا الوهم والترف الكلامي، يجب أن لا يتناسى أنه قد نطق كفراً بعبارات الحرب عندما وطأت قدماه بورتكيزان، حيث قال انه يريد حسم التمرد، ما يعني انه يريد استمرار الحرب، وهو الخطاب التافه والمحبب لكل من أراد العمل تحت رآية (الكيزان).. وشعارتهم وجب عليه النطق حرباً لا سلماً. لا أدري من منهم نصح الكميل بأن يغير لهجته من البل الكيزاني إلى سلام الرفاهية وامل الشعوب، هل أمجد فريد.؟
ولم يستحي رئيس وزراء الأمل ان يلهي العباد بفقاعات كلامية تبلل رغباتهم، متجاَوزا جذور النزاع والأزمة الوطنية المتعلقة ببنية الدولة إلى مطلوبات الحياة الكريمة ومعاش الناس، فقد اعتبر كامل إدريس أن أس القضية السودانية ليس الظلم واختلال العدالة بقدر ما هي انعدام رفاهية الشعب السوداني، وهي مفارقة صفرية في حجم التفكير، كأنما الرجل من كوكب المريخ، لم يجتهد كميل في طرح اي رؤية لطي النزاع وانهاء الحرب في السودان، بقدر ما فكر في تجاوز المرحلة المأساوية من الأزمة إلى تشكيل فريق وزاري يمارس معه فنون القفز المريح على انتهاكات الحرب وافرازاتها الكارثية على وحدة البلد، فقد ظن أن فريق (الحسنيين).. يستطيع اقناعنا بتحقيق الازدهار والنماء بجانب أصوات الرصاص، وهو الأمل الذي صدح به في خطاب تلفزيوني احتمل كثير من العبط السياسي.!
من الشطحات النادرة التي يروج لها رئيس وزراء البرهان كامل إدريس انه ظل يفكر خارج الصندوق حتى يضع البلاد مباشرة في مصاف الدول المتقدمة، حيث قال أنه يريد أن يبني الوزارة بأفكاره الرفيعة كخبير دولي، وبالتالي فإن حكومته ستتشكل من كفاءات تقنية لا ينتمي منسوبيها للأحزاب السياسية، حتى يمتع التبذير والإسراف المالي او كما قال، ولذلك فقد ابتكر الرجل فكرة طرح التنافس الوزاري عبر التنافس العام من التقديم الإلكتروني عبر نافذة رئيس الوزراء، وكل من يأنس الكفاءة بنفسة يتقدم إلى الوزارة التي تناسبة، وسيجد حظة من الاختيار والتنافس، صحيح انه عهد كميل وفي عهده سيتحول السودان إلى مصاف الدول المتقدمة.!