
بينما كانت أبواق النظام البائد تصرخ ليل نهار أن “قائد الدعم السريع مات”، وتُفصّل في القصص والروايات عن “فراره” و”عجزه”، خرج القائد محمد حمدان دقلو، حميدتي، بكل هدوء من “قبرهم الإعلامي” ليظهر وسط جنوده في قلب الميدان، مخاطبًا إياهم بكلمات واضحة، حاسمة، وواثقة.
الإعلام الموالي للانقلابيين، الذي ظل يعمل بـ”الريموت كنترول” من غرف مظلمة ممتلئة بدخان الحقد والكذب، ما كان لديه غير ان ينبح في الظلام. طوال شهور، وهم يقومون بالترويج: “حميدتي قد انتهى”، “الدعم السريع تلاشى”، “القيادة غائبة”… لكن الحقيقة، كانت تطبخ على نار هادئة في جبهات مختلفة مثل الخوي ، والمثلث، والمجلد، وبابنوسة وغيرها
ظهور حميدتي، لم يكن في مؤتمر صحفي آمن، لا في فيديو مفبرك من فندق في الخارج، بل وسط قواته، في خطوط النار، في أماكن أصبح الجيش لا قدرة له ان يدخلها لا بارجله ولا بطائراته، لأن المسيرات (سارص) أصبحت كابوس يلاحق كل تحركاتهم ومقراتهم، والسماء لم تعد صديقة لمن تعودوا الطيران في غفلة الشعوب.
والسؤال الذي يفرض نفسه : أين قادة الجيش؟ هل ما زالوا يختبئون في دهاليز بورتسودان ؟
هل ظهور حميدتي القوي هذا هو إعلان عن بداية مرحلة جديدة من الحرب، فيها توازن الردع الذي ظل يخشاه البرهان وأركانه؟
الإعلام البائس، اللي بيشتغل بنظرية “اكذب، اكذب، حتى تصدق نفسك”، اصبح مكشوفاً للعالم. أي مراقب بسيط بإستطاعته ان يرى الفرق بين الواقع في الميدان، والواقع في قنواتهم. كيف بيصوروا الخرطوم إنها بخير، بينما الناس بتموت بالكوليرا ومخلفات الأسلحة الكيميائية والمسيرات تحوم فوقها 24 ساعة. وكيف يروجون بإن الجيش وحلفائه من الكتائب والحركات المسلحة متماسكون ، وكبار قادة الجيش تعصف بهم الخلافات وبعضهم اختفى من المشهد تماما ولم يظهر لهم أثر!
ظهور حميدتي ليس فقط رسالة لجنوده ومؤيديه وانما هي صفعة قوية على وجه الإعلام الكذوب، ورسالة واضحة للعالم: من يملك الأرض، يملك الصورة، ومن يملك السماء، يملك القرار.
فليواصلوا كذبهم، ولينفخوا في نار التضليل، فان للحقيقة ارجل تمشي بيها، وجيش مليوني من الجنود في الميدان، وقائد حي يُرزق… رجع ليقول كلمته: (لسّه المعركة في بدايتها).