
في نَهارِ الثاني والعشرين من يونيو / حزيران 2025 خاطب المشير محمد حمدان دقلو حشد من جنودهِ في الفضاءِ الطلق -وجهاً لوجهِ -بخطاب ضافي وكرجل دولة حقيقي بكل ما تحمله هذه الكلمه من معني
و لعلَّ الدلالة الرمزيه للمكان كفضاء مفتوح والأرض الشاسعه الممتده والمترامية الأطراف كشساعة قلوب اهل السودان الفسيح بالاضافة للطمأنينة والوقار اللتان رافقتا الحضور الطاغي للقائد محمد حمدان دقلو تشي بقدر كبير من الامن والأمان والثقة واليقين الممزوج بالهيبة التي وفرها ويوفرها المشير محمد حمدان دقلو للدوله السودانية الحديثة التي ينشدها للسودانيين كافة مدركا ان هيبة البلاد من هيبة قائدها
والمُراقِب الحصيف يلحظ ان هذا الخطاب لم يكن خطابا عاديا بمعايير الخطابات المبتذلة من لدن دويلة ٥٦ والممجوجة في ان واحد ،بل كان بمثابة لحظة فارقه في تاريخ الامه السودانيه لحظة يتوقف عندها الزمان ليلقي بالضوء علي ملمح من ملامح مشروع الدوله السودانيه الحديثة المنشودة ، دولة المواطنه والمساواة والعدالة الاجتماعية التي تَأْبَه لهموم الأرامل والشهداء والجرحى وابناء السبيل والمبعدين
جَاءَ خطاب المشير محمد حمدان استهلاليا لمرحلة وعهد جديدين تدخلهم الحرب من الموجه الثانية لإخضاع دويلة ٥٦ في نسختها الاسلاموية الإرهابيه الجانحه ، لعل هذه الموجه لا تشبه سابقاتها اذ ابتدرها القائد بانتصارات و فتوحات استراتيجية وحاسمه تتصل وثيقا بإعادة التموضع لجنوده بدربة ودراية و مراس وهو يشكل لوحة فريده من البأس والبسالة حافر في صلابة صخر الاشاوس التي قُدّت من ذات الجلمود بإزميل العطاء والمحبه وكقائد مغوار يبذل الغالي والنفيس من اجل جنده باخلاص و صدق وشجاعة لا عن تملق ومداهنة كما يفعل غريمه المداهن
يجيء خطاب القائد حميدتي صبيحة تحولات اقليمية ودوليه ومحليه عاصفه ومتزامناً مع انتصاراته الحدودية الاستراتيجيه ليتشكل به وحوله محيطا وواقعا جيوسياسي مغايرا وغير مضاه ، منذ اندلاع الحرب التي اشعل جذوتها المستعره الاسلاميون الدواعش في 15/4/2023لاول مره يحقق الدعم السريع سيطره علي مناطق متعددة واستراتيجية تنبي علي الديمومة والاقتلاع المضطرد للإسلامييون باتساق حربي مدروس وثابت لا سيما مع نذر الحرب او القطيعه بين فصائل الحركات المسلحه وحكومة الامر الواقع ببورتسودان وتدمير متحرك الصياد المدجج بالاسلحه الكيمائيه وعلي رأسه خيرة عسكري الحركات المسلحه وجيش دويلة ٥٦ فضلا عن اشتداد أوار الحرب المستعره في عمق ارض الحليف والداعم العسكري الإيراني مما يفقد الاسلاميون داعماً اساسياً بالعتاد والخبراء العسكريون بعد هروب البرهان من مخدعه bedroom (البيدروم)بالقيادة العامه
في ذات السياق، تشهد مدينه بابنوسه تصدعا في تماسكها وهي تتهاوي بشكل غير مسبوق مع تحرير الفرقه 89 التي تمثل الدفاعات المتقدمة للفرقه 22 بابنوسه التي ظلت محاصره منذ اندلاع الحرب فضلا عن تهاوي الفرقه السادسه الفاشر خصوصا بعد تحرير معسكر زمزم الذي حوّل الي ثكنه عسكريه واستخدم فيه المواطنين كدروع بشريه عقب كل هذه التحولات غدت القرقه السادسه مشاه الفاشر قاب قوسين او ادني من التحرر وجاري تحرير المواطنين من قبضة الحركات المسلحه التي تتخذ من المواطنين الأمنيين دروع بشريه للحمايه
هذه الفتوحات الاستراتيجية تتصدر مخاوف دويلة ٥٦ وحكومتهم المدعاة علي اثر الضربات التشريحية الدقيقة بالمسيرات الاستراتيجية المجهولة المصدر لميناء بورتسودان وقاعدة النجومي العسكرية مما دفع بعسكر بورتسودان للهروع الي تجميل وجهها المجعد برئيس وزراء لا ظهرا ابقي ولا ارض قطع مستبطنا فتنة قد تعصف باتفاقية جوبا وينفرط عقد تماسك بورتسودان وتذهب ريحهم و ليتفرَّقوا من بعدها أَيْدي سَبَأ
علي ذات الصعيد يشهد تحالف تاسيس الموقع في فبراير 2025 حراكا عسكريا متقنا وحروب ضاريه في جنوب كردفان بقيادة عبدالعزيز الحلو بتحول الحركه الشعبيه الي لاعب اساسي في المشهد السياسي والعسكري من شأن هذا التصعيد التعجيل بنهاية الإسلامويين ودويلة ٥٦ في طبعتهم الداعشيه الراهنه
يعد صعود الحركه الشعبيه والخوف الذي بثه هذا الصعود في أوساط تحالف بورتسودان الهش دعوه حملت البرهان علي الارتباك ورفع المصاحف علي اسنة الرماح و خفض نبرة التصعيد في خطابه الأخير كرجل لم يعرف عنه الصدق علي الإطلاق طيلة مسيرته السياسية بل عُرف بالمرواغة والحديث عن السلم في الوقت الذي يُحشد للحرب او يشتري زمنا ً لشراء سلاح.
علي المستوي اللغوي والبلاغي والمجازي تضمن خطاب القائد محمد حمدان تلميحا وتصريحا لاشارات عديده لا تحصي ولا تعد تصلح لسفر خاص في سبر المعاني من ضمنها ان عرَّفَ الحرب الراهنه بشكل اكثر دقه و شمولاً إذ اشار الي نحن ((نقاتل دفاعا عن انفسنا )) و الدفاع عن النفس كقيمه إنسانيه ساميه هو الدفاع عن قيمة البقاء مقابل الموت والاباده وتمجيد الحياة الانسانية والوجود ،انها (حرب الوجود) Existential war
الوجود بمعناه الأشمل لكل انسان الهامش العريض
اقليميا ودوليا تطرق المشير محمد حمدان دقلو الي علاقات الجوار الحسن وثمن من قيمة الحوار كوسيلة حضاريه لبلوغ الغايات ورعاية المصالح المشتركة مشخصا اس الازمه التي سببها الاساسي الاسلاميون وازرعهم الإستخباراتية المشيطنه مع كل من مصر وليبيا وأفريقيا الوسطى وتشاد وجنوب السودان وأثيوبيا وفي تقديري هذا فتح دبلوماسي غير مسبوق من رجل دوله عقلاني ومتزن وحصيف
دوليا خاطب أشواق المجتمع الدولي التي تدعو وتحض علي الحفاظ علي ادمية وكرامه الانسان ومنع الاتجار بالبشر كقيمة تتسق مع القوانين الدولية والتشريعات السماوية
من ركائز خطاب القائد حميدتي إنفاذ وتطبيق حكم سيادة القانون ودفع مستحقات الجنود باثر رجعي وتوفير المعينات والإغاثة للاجئين كرجل دوله ناكر لذاته ومدركا لمشاكل شعبه بلغة رصينه ومتماسكة تشبه مشروع الدوله السودانيه الجديده بتنوعها وثراءها مُلمحاً لقدرات الدوله في نزع القوة المتبقيه لدويلة ٥٦ وهي (المسيرات) قريباً و التي يمتلكها الجيش الإرهابي مروعا بها المواطنين الآمنين ومستهدفا مستشفياتهم كما حدث في ((المجلد)) موخرا. يتضح جليا في تضاعيف خطاب القائد حميدتي بانه رجل دوله حقيقي بقدرات كامنه غير مسبوره محفوف بإيمان صميم من جنده وشعبه بكارزميتيه القياديه
يعكس خطابه إمساكه التام بزمام المبادرات عسكريا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا وجاء الخطاب ضافيا وحاسما ومتوجا لتمكنه وقدراته علي ادارة ألازمه
واحكام قبضته علي رسن المبادره
ينبي هذا الخطاب بالكثير وان الايام القادمه ستشهد مزيدا من الفتوحات التي سوف تقضي علي الاسلاميون ودويلة ٥٦ في نسختها الارهابيه الداعشيه الكائنة بهشاشتها بائنة العوره .