رأي

الحقيقة .. العملة الأصعب في زمن التزوير والتضخم الفكري

بقلم: سارة أبوروف

التنوير ونشر الوعي عبر تحري الحقيقة والمصداقية أصبح ضرورة حياتية  ملحة في ظل التضليل الممنهح وإزدراء العقول ،  حيث أصبح البعض يستكثر علينا مجرد احترام أدمغتنا فهو لا يكلف نفسه عناء الاجتهاد في صناعة الأخبار  الكاذبة وفبركة الوقائع برداءة توضح حجم الاسترخاص والمهزلة بالعقل البشري .

تجاوزت البشرية عصر صناعة الصحافة  ودخلت عهد صناعة الخبر نفسه لتصوير واقع إفتراضي تقوده سيناريوهات واعية لتوجيه الوعي الجمعي في إتجاهات مرسومة بدقة تحقيقا لغايات محددة وبالطبع الغاية تبرر الوسيلة ،  ففي السابق كنا نستقي المعلومات من مصادر محدودة وبرزت ثقافة وكالات الأنباء ككيانات موثوقة يمكن الإعتماد  عليها فهي تتسم بقدر عالي من التحري والمسؤولية .

أما الآن وفي ظل الإنفتاح التكنولوجي و الكم الهائل من المعلومات ، أصبحت الحقيقة هي العملة الأصعب على الإطلاق وأصبحت مهمة التنوير ونشر الوعي رسالة  مقدسة لا تقل أهمية في حياة الناس عن نشر التعاليم والقيم الدينة والتوعية الصحية والبيئية والتنبيه لمخاطر المخدرات  ، فسلام على من يحملون على عاتقهم هذه الأمانة الجليلة .

أصبح التلاعب بالعقول والسيطرة علي محفزات التفكير والتحليل سلاح العصر بإمتياز

وأمسي تغبيش الوعي لا يقل خطورة عن أعظم الأسلحة الفتاكة وأضحت سواقة الناس جزءا كبيرا من المعركة .

وبالرغم من أن السوشيال ميديا قد مكنت شرائح عريضة من المجتمع من التعبير عن نفسها وإيصال صوتها المكتوم للداخل والخارج  فقد منحت أيضا  مساحات عظيمة لأصحاب القدرات المتواضعة بل وحتى فاقدي الضمير والأخلاق فانزوي المفكرون والعلماء ليملأ الفراغ ضعاف المنطق والأسلوب وآصبحت مساحات التواصل مستنقع ضخم ينضح بكل ماهو آسن وفيه من الضحالة ما يندي له الجبين إلا من رحم ربي وهم قليل .

ومؤخرا لعبت ثورة الذكاء الإصطناعي دورا بارزا في رفاهية الناس وضياع الحقيقة معا  فهي سلاح ذو حدين الحاكمية في إستخدامه للضمير الذي مات في كثير من النفوس .

ومؤكد أن بعض المواد مثل الصور والفيديوهات يمكن التحقق من صحتها عبر تطبيقات مخصصة لذلك ولكن عندما نتحدث عن شريحة مجتمعية كبيرة العدد  بسيطة التفكير  تأخذ الكلام على عواهله نجد أنه من الصعوبة بمكان التحكم في إنتشار الأخبار المغلوطة كالنار فى الهشيم خصوصا اننا مازلنا نبعد سنين ضوئية عن ثقافة الإستقصاء والتحقق  .

منح الإعلام صفة السلطة الرابعة للأهمية القصوى التي يتحلى بها فهو عين الشعب علي السلطة الحاكمة والمجتمع واليوم أغرق المجتمع بالمعلومات وأصبح الجميع إعلاميون .

الوصول الي الحقيقية أصبح مهمة صعبة اشبه بعملية البحث عن إبرة في كومة قش نتمني أن يجتهد البعض في توفيرها وأن يجد البعض الآخر قليلا في البحث عنها ،

فالحياة والقرارات المصيرية لا تبني على الأوهام والزبد والغثاء والجفاء والحقيقة ليست دائما مرة وأماينفع الناس فسيمكث في الأرض .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!