الاشتباه في تورط الطيران المصري في هجمات كيميائية بالسودان يثير جدلاً واسعًا..
وتحذيرات من تحقيق دولي محتمل

عمار سعيد – التنوير
في تطور خطير يعكس تصاعد أبعاد الحرب السودانية، تصاعدت مؤخراً الاتهامات التي تطال أطرافًا إقليمية، حيث اتهمت قوات الدعم السريع سلاح الجو المصري بالتورط في تنفيذ ضربات جوية “غير تقليدية” داخل الأراضي السودانية، يشتبه في استخدام أسلحة كيميائية خلالها، وهو ما ينذر بفتح أبواب أزمة قانونية ودبلوماسية كبرى في المنطقة.
الضربات المشبوهة: بصمات تقنية مصرية؟
بحسب مصادر داخل قوات الدعم السريع، فإن بعض الغارات التي نُفذت في مناطق مثل جبل موية وشمال الخرطوم، حملت طابعًا عملياتيًا وتقنيًا يُشبه ما تستخدمه القوات الجوية المصرية، وليس سلاح الجو السوداني. وأشارت تلك المصادر إلى أن الهجمات شملت إلقاء براميل تحتوي على مواد مشبوهة تسببت في أعراض صحية خطيرة بين المدنيين، من ضمنها ضيق تنفس وتقرحات جلدية واختناقات جماعية.
تصريحات حميدتي تعزز الشكوك
هذه المزاعم تجد سنداً جزئياً في تصريحات سابقة لقائد الدعم السريع، الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي”، الذي قال في إحدى مقابلاته إن “طيارين غير سودانيين شاركوا في القصف الجوي خلال معارك القيادة العامة ومطار مروي”، متهمًا مصر بشكل مباشر بـ”الدعم اللوجستي والعسكري للجيش السوداني”.
التحقيقات الدولية على الأبواب؟
ورغم غياب التأكيد الرسمي من المنظمات الحقوقية الدولية حتى الآن، فإن تقارير أولية أصدرتها جهات أمريكية ألمحت إلى وجود مؤشرات على استخدام مواد كيميائية في بعض هجمات 2024، ما دفع مراقبين إلى التحذير من قرب فتح تحقيق دولي محتمل بإشراف الأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية الدولية.
“الضحايا المدنيون، كعادتهم يدفعون الثمن الأكبر، وسط حرب تتجاوز أخلاقيات النزاع، وتتحدى أبسط قواعد القانون الدولي”
إذا ما ثبت استخدام تلك الأسلحة فعلاً، فإن الأمر قد يرقى إلى جريمة حرب، ويستدعي مساءلة جنائية دولية تطال الجيش السوداني، وربما تمتد إلى المؤسسة العسكرية المصرية إذا ثبت أي تورط مباشر.
مصر في مرمى العاصفة القانونية والدبلوماسية؟
يرى محللون أن مصر، التي تعتبر الحرب السودانية جزءاً من أمنها القومي، قد تجد نفسها في موقف صعب إذا ما كشفت التحقيقات عن دور نشط في الضربات الجوية. فبينما تحاول القاهرة تصدير صورة الوسيط الإقليمي، فإن التورط في استخدام أسلحة محظورة سيقوّض هذا الدور، ويهدد بفرض عزلة دبلوماسية، بل وحتى عقوبات محتملة.
المشهد أمام اختبار حاسم
في ظل غياب الشفافية ورفض الأطراف الرسمية التعليق، تبقى الأسئلة مفتوحة حول حقيقة ما جرى في تلك الغارات، وحول الجهة التي تتحمل المسؤولية. لكن المؤكد أن استخدام الأسلحة الكيميائية، إن ثبت، سيغيّر قواعد الاشتباك السياسي والعسكري في السودان، وسيمتد صداه إلى العواصم الإقليمية المعنية بالصراع.
الضحايا المدنيون، كعادتهم يدفعون الثمن الأكبر، وسط حرب تتجاوز أخلاقيات النزاع، وتتحدى أبسط قواعد القانون الدولي.