رأي

التأسيس أم الانزلاق نحو التقسيم!

بقلم: نجم الدين دريسة

 

قال الفيلسوف كانط في أطروحته التي أطلق عليها السلام الدائم … حيث أشار فيها إلي أن (المتفائلفين هم من لديهم الرغبة الحقيقة والملحة  في حل النزاعات ويعتقدون ان قضايا التاريخ والارض والاوطان والمصير والمصالح يمكن تجاوزها بالحوار بين عقلاء يدركون مصالح وتطلعات شعوبهم) … مؤكد أن في استمرار هذه الحرب اللعينة التي أججتها الحركة الاسلاموية بغرض ارجا عجلة التاريخ والعودة إلي السلطة بإجهاض الثورة الشعبية الباذخة

تداعيات وآثار كارثية علي مجمل الأوضاع الإنسانية حيث بات حال الشعب السوداني المغلوب علي أمره بائسا جدا وبات محاصرا بالموت والتشرد القسري والمجاعات والامراض والاوبئة والكوارث الامر الذي يجعل  هذه الحرب هي الأسوأ في بلادنا لأنها فاقمت حالة الفراغ السياسي بسبب ضعف وهشاشة الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني علاوة علي ما  تمخض عنها من  إنقسامات إجتماعية تعد الاكثر حدة بسبب العنصرية البغيضة وخطابات الكراهية التي وضعت السودان ووحدته علي المحك بسبب التشظي المجتمعي والتصدعات الهائلة في البناء القومي .. هذا الواقع المعقد عمق من أزمة الثقة بين القوميات الاجتماعية والثقافية مما يستدعي تفكير خارج المألوف يعالج أزمة الدولة المركزية الغنائمية الباطشة بشعوبها والمرتهنة للدولة المصرية والعمل علي تغيير مفهوم وثقافة السلطة لأنها قائمة للأسف علي الاستعلاء  ومرتبطة بالاستغلال السيئ للوظيفة العامة وتجييرها لخدمة الاهداف الخاصة سواءاكانت شخصية عشائرية  قبلية إثنية مناطقية جهوية أو حزبية والعمل علي صياغة عقد إجتماعي جديد يقفز علي الاطر الاجتماعية الضيقة نحو رحابة الانتماء للوطن.

 

إلي متي يمضي هذا النهج التدميري لمليشيا وعصابات جماعات الهوس الديني الإرهابية التي ظلت تقصف المدنيين العزل بالطائرات والبراميل المتفجرة والاسلحة المحرمة دوليا وتعمل علي تدمير المنشآت المدنية والخدمية والبنية التحتية وللأسف حتي الحيوانات في مراعيها وسهولها لم تنج من جرائم الحركة الإسلامية في حربها ضد الوطن والمواطنين في تحدي واضح لكل الاعراف والمواثيق والقوانين الدولية الانسانية ان تحرم استهداف المدنيين العزل والاعيان المدنية لذا أكاد أجزم ألا حل يمكن يأتي عبر جماعة بورتسودان التي تتحكم فيها جماعة الإخوان المسلمين ومن شايعهم من قوي الردة مما يصعب معه التنبوء بنهاية هذه الحرب رغم قسوة تداعياتها علي الشعوب السودانية ولكن هنالك ضرورة قصوي جدا ان تتم الهزيمة النهائية للعقلية التي استمرأت إشعال الحروب وتاجيج الصراعات وصناعة الازمات علي مدي سبعين سنة واستئصال الحالة الذهنية والجهاز المفاهيمي المختل والتاريخ المزيف وكل المناهج التي اوجدت العنصرية والكراهية والتهميش الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعمل علي ارساء دعائم المشروع الوطني المدني القائم علي المواطنة.

 

قد تلوح فرص في الأفق تمنع السودان من مغبة الانزلاق في التشرزم والتقسيم وذلك من خلال العمل علي خلق توافق سياسي يضم أصحاب المصلحة بعيدا عن الاستقطاب والاستقطاب المضاد الذي ظل منذ قبل ما يعرف بالاستقلال حيث ظلت السلطة المركزية تتحكم من خلال سياسية (فرق تسد) عبر استغلال التباينات الاجتماعية لتفكيكها وتحييدها ولا تزال هذه المسألة ماضية في تحقيق غايات الدولة المركزية القابضة ولكن نمو الوعي المجتمعي ماض بقوة في سحب هذا الكرت لصالح المهمشين وهذا ظهر جليا من خلال تحالف السودان التأسيسي والذي يعد خطوة مهمة لشكل من أشكال التحالف السياسي العريض المسنود شعبيا والقائم علي أطروحات استطاعت علي الاقل نظريا ان تعالج جذور الأزمة السياسية التاريخية من خلال وثائق أكدت علي علمانية ولا مركزية الدولة وبناء مؤسسات وفقا لمعايير تحقق عدالة وتكافؤ الفرص بين الاقاليم المختلفة والعمل علي تشكيل حكومة تعمل علي حماية المدنيين المتضررين من الحرب ومعالجة الأزمة الانسانية بتوفير الخدمات الاساسية بالتعاون مع الأسرة الدولة ووضع اسس للمحافظة علي وحدة السودان هذه الرؤي والاطروحات السياسية يجب أن تنداح لتشمل أطياف عريضة من الشعوب السوداني والعمل علي مخاطبة المجتمع الدولي والاقليمي خاصة وان الحكومة المرتقبة هدفها الاساسي هو تحقيق السلام والوحدة وهذا سيضع العالم كله أمام تحدي أخلاقي ويجبره علي دعم هذا المشروع ويعري تماما عصابة بورتسودان الفاقدة للشرعية والرشد والاهلية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!