رأي

 إسدال الشاشمندي ودموع قونات النظام

منال علي محمود

في مقال مغلف بعبارات الشفقة على الوطن، كتبت رشان اوشي من داخل بورتسودان عن شحنة مخدرات تم ضبطها في كسلا، وحُكم على أصحابها بالسجن اربعة اشهر فقط.

تبدو الكاتبة وكأنها اكتشفت فجأة ان في البلد فساد

تدعونا للتأمل في (الانهيار الاخلاقي) و(سقوط الدولة) وتطلب منا ان نندهش، كأننا لم نكن هنا حين كنتم تحكمون.

فقط دعوني اطرح سؤالا بسيطا

هل هذا المقال (غسل يدين) ام (صراع تيارات)؟

هل تحاول كاتبتنا ان تخلي مسؤولية تنظيمها؟

ام ان هذه نيران صديقة داخل بيت الحركة الاسلاموية، تحاول ان ترمي تبعات الطوفان على (القضاة) و(الميليشيات) وكأنها لم تكن جزءا من مطبخ الطبخ الكبير؟

ثم مهلاً…

من أين جاءت هذه (الصحوة الاخلاقية) المفاجئة؟

هل فعلاً ما كتبته رشان نابع من حس وطني؟

ام أن الطرحة التي تضعها على رأسها، هي نفسها من خيوط الشاشمندي الذي تكتب عنه؟

منتهى الفنتازيا… أن يتعظ الناس من تجّار الواعظين

ما يُدهش حقا ليس اكتشافها لفساد العدالة، بل هذا الغباء السياسي المدهش الذي يتعامل مع ذاكرة الناس كأنها ذاكرة سمك

لو كان الامر جهلا فقط، لهان

لكننا نعرف – كما تعرف هي – ان حاويات المخدرات التي ضُبطت في بورتسودان كانت تحت حماية أذرع النظام

وان طائرة محمّلة بالمخدرات هبطت في مطار التصنيع الحربي

وان الضابط المسؤول لم يُحاسب قط، بل رُقي واليوم يقاتل معنا في (صف الوطن)

اي وطن هذا الذي يتاجر جنرالاته بالحشيش؟

تريدون ان نقنع انفسنا ان هؤلاء ضحايا لا جناة؟

ان الفساد جاء في عهد الحرب وليس في عهد جهاز الامن والتمكين؟

ان كل ما في هذا المقال، وكل ما في تصريحاتكم، يجعلنا نصدق – وبغباء مدهش – ان مياه الغُسل التي تطهرون بها ايديكم ليست هي التي تقتلنا بالكوليرا

بل تلك المياه الصحية التي شرب منها البرهان امام الكاميرا وهو يبتسم للغرب

يا جماعة الخير

لا تجبرونا على تصديق هذا القدر من العبث

الذين زرعوا المخدرات في ارضنا، لا يحق لهم اليوم ان يبكوا على (حبة في كسلا)

ومن لوّث الدولة لا يملك رفاهية الحديث عن (نقاء الثورة)

هذا ليس مقالا عن قضية فساد، بل محاولة وقحة لإعادة تدوير الجاني في هيئة واعظ

ولن نسمح بذلك

وكما نقول في غرب السودان

(الكتاحة جات من دارها وجات تقول نظفوا بيوتكم)

manal002002@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!