حكومة السلام .. ما بعد التشكيل، هل تصمد أمام التحديات ؟؟

التنوير: سماح محمد
تشكيل حكومة السلام والوحدة جاء لتمثل (الوجه الحقيقي) للبلاد في السودان، وستمثل ميثاقا سياسيا ودستورا انتقاليا تاريخيا لسودان جديد ، كما أعلنها قائد قوات الدعم السريع الفريق اول محمد حمدان دقلو (حميدتي) عن تشكيل الحكومة الجديدة (حكومة مدنية) بقوي متعددة من أجل تقديم خدمات للمواطنين ، وهذا ما يشير الى أن البشارات قد اكتملت والقرار بات قريبا والايام القليله المقبلة ستشهد تشكيل حكومة تسمي الحكومة المركزية، تشمل المفوضيات ، وولاة الولايات وغيرها ، ولكن يبقي السؤال الذي يفرض نفسه ما هي ضمانات أن تجد الحكومة القبول ؛ وكان قد أشار (حميدتي) لقيام حكومة السلام والوحد مشيراً إلى أنها تمثّل الوجه الحقيقي للسودان ، وذلك مع دخول الحرب في السودان عامها الثالث ، مؤكدا بفخر قيام حكومة السلام والوحدة – تحالف مدني واسع يمثل الوجه الحقيقي للسودان ، مع جميع القوى المدنية والسياسية السودانية والجبهة الثورية السودانية والمجتمع المدني والمنظمات الإنسانية والحركات الشبابية ولجان المقاومة، وقال (وقّعنا ميثاقاً سياسياً ودستوراً انتقالياً تاريخياً لسودان جديد) . مضيفا الي أن من ابرز مميزات الحكومة الجديدة تقديم خدمات تعطي للمواطن ضمان مستقبل للأجيال القادمة وتحقيق رغبات المواطنين وتحقيق العدالة والمساواة وما تحمله من مضامين… الخ).
هنالك أرضية صلبة تظهر من خلال ما اشار اليه (حميدتي ) وهي حكومة مدنية تمثل الشعب، حكومة جاءت بموجب إتفاق سياسي ومدني من مكونات مختلفه .
أجهزة تشريعية
تساؤلات مشروعة هل ستخلق (حكومة السلام ) تلاقي جيد يضمن الانصهار لتحقيق كل ما هو مطلوب لبناء دولة جديدة ؟ مع وجود الضمانات الحقيقية في أن اولوية الحكم اللامركزي التي تعطي كل زي حق حقه أن يحكموا انفسهم بانفسهم ، المحليات تحكم نفسها بنفسها ، الولايات تحكم نفسها بنفسها ، كذلك الاقاليم يكن دور المركز هو الدور الإشرافي هنالك أجهزة تشريعية تعمل على سن القوانين اللازمة تعمل على مراقبة اداء اللجان التنفيذية وغيرها . وكان قد وقعت قوات الدعم السريع وتحالفاً مؤلفاً من جماعات سياسية ومسلحة في نيروبي، ميثاقاً تأسيسياً لتشكيل حكومة سلام في البلاد التي تشهد حرباً منذ نحو عامين.
وقد حظي التوقيع في نيروبي بممثلي الأحزاب السياسية المؤيدة للحكومة الجديدة عبدالرحيم دقلو نائب قائد قوات الدعم السريع، وضم التحالف، الذي كان جزءاً من (تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية) (تقدّم سابقاً) قبل فك الارتباط بالمجموعة الرافضة للحكومة (حركة العدل والمساواة)، (جناحَ سليمان صندل – تجمع قوى تحرير السودان)، بقيادة الطاهر حجر، بالإضافة إلى (حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي)، بزعامة الهادي إدريس، و(قوات الدعم السريع)، وعدد من القوى السياسية والمدنية وزعماء الإدارات المدنية.ومن بين الموقعين فصيل من الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، التي تسيطر على أجزاء من ولايتَي جنوب كردفان والنيل الأزرق .
تحالف السودان التأسيسي
وقالت الناشطة الحقوقية فاطمة عزالدين إن التوقيع تم في العاصمة الكينية نيروبي توقيع الميثاق الذي سيمهِّد الطريق أمام (حكومة سلام ووحدة) في المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع في السودان. واشارت الى ان المجموعات التي أعلنت مشاركتها في الإطار الجديد اطلقت على نفسها اسم (تحالف السودان التأسيسي)، لتكوين (حكومة السلام والوحدة)ومن شأن هذا الإعلان السياسي أن يحدد الملامح العامة للسلطة، التي من المقرر إعلانها في مقبل الايام القادمة .مشيرة الي انه نشبت خلافات داخل تنسيقية (تقدم) وخرجت إلى العلن، بعدما تبنَّت فصائل مسلحة وقوى سياسية موقفاً واضحاً بتشكيل حكومة سلام في المناطق التي تخضع لسيطرة قوات الدعم السريع .
تأسيس جيش وطني
ويدعو الميثاق إلى تأسيس وبناء دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، قائمة على الحرية والمساواة والعدالة، وغير منحازة لأي هوية ثقافية أو عرقية أو دينية أو جهوية .وتحدث الميثاق أيضاً عن تأسيس جيش وطني جديد وموحد ومهني وقومي بعقيدة عسكرية جديدة، على أن يعكس التعدد والتنوع اللذين تتسم بهما الدولة السودانية .وتهدف هذه الحكومة، وفق الميثاق، إلى إنهاء الحرب وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، والحفاظ على وحدة السودان.
المشهد السياسي
احتضنت العاصمة الكينية نيروبي مراسم توقيع الميثاق التأسيسي الذي يمهد لإعلان حكومة السلام والوحدة السودانية وسط حضور نوعي كبير من رؤوساء الدول و المنظمات الدولية وقادة الأحزاب السياسية والشخصيات البارزة في السودان. الميثاق السياسي الذي يعتبر خطوة محورية نحو تأسيس حكومة مدنية لكل السودان لإعادة ترتيب المشهد السياسي ، ويهدف إلى وضع الأسس الدستورية لتشكيل الحكومة الجديدة، وسط تحديات سياسية وأمنية متزايدة تشهدها البلاد، وشهد توقيع الميثاق السياسي، مشاركة واسعة لكيانات سياسية ومجتمعية من بينها تحالف القوى المدنية المتحدة “قمم” والحزب الاتحادي الموحد وحزب الأمة القوميالذي يعد الحزب الأكبر في السودان والحزب الاتحادي والجبهة الثورية، وحركات مسلحة إضافة إلى كيانات مدنية ومجتمعية أخرى.
دستور انتقالي
ومن جانبه أكد الطاهر حجر رئيس إحدى فصائل تجمع قوى تحرير السودان، أن الاجتماعات التي انعقدت في نيروبي الهدف منها بالأساس إلى الاتفاق على ميثاق تأسيسي لـ(سودان جديد)، وليس تشكيل حكومة موازية للسلطة القائمة في بورتسودان. وأشار حجر إلى أن ما دفعهم للتفكير في تكوين حكومة سلام هو (وحدة البلاد) مشيرًا إلى أن حكومة بورتسودان قسمت البلاد إلى دولة النهر والبحر ودولة مواطني دارفور والنيل الأزرق وكردفان وهؤلاء يعيشون في شمال السودان بكروت كأنهم لاجئين من بلاد أخرى أو نازحين من ولايات أخرى .
معالجة الأزمات بالبلاد
من جهته اشار المحلل السياسي النذير عوض الى ان حكومة السلام فعليا وعلى أرض الواقع تشير المعطيات الأولية الي انها مبعث للآمال، موضحا انها ستعطي الأمل مجددا في انتعاش الحياة في السودان، وتساءل عوض هل ستكون الحكومة الجديدة قادرة على القيام بالإصلاحات المطلوبة ومعالجة الأزمات بالبلاد؛ ورجح عزالدين أن قوات الدعم السريع تعمل على تشكيل سلطة في مواقع سيطرتها على غرار ليبيا واليمن، واكد عوض ان الحكومة الجديدة ستمثل ميثاقا سياسيا ودستورا انتقاليا تاريخيا لسودان جديد .
حماية المدنيين
وفي ذات السياق قال مستشار أول قائد قوات الدعم السريع، عز الدين الصافي إن (حكومة السلام والوحدة )التي يتم تشكيلها في الايام القليلة القادمة ، ستعمل على امتلاك الآليات المتاحة لحماية المدنيين من القصف الجوي العشوائي الممنهج و(غير المسبوق)، الذي ظل يشنّه طيران الجيش السوداني على المدنيين، وأودى خلال أشهر قليلة بحياة أكثر من 5000 شخص.
وشدَّد الصافي على أن واجب الحكومة المقبلة هو وقف هذا القصف ، مضيفا الي انه سيكون هناك جيش وطني وحكومة تخاطب الحكومات حول العالم، بما يُمكنها من استقطاب الدعم العسكري .
مشيرا إلى أن الامتياز العسكري الوحيد للجيش الذي (اختطف المؤسسات الحكومية)، هو سلاح الجو ، وإذا استطاعت الحكومة المقبلة تحييد سلاح الجو فسيتم فرض السلام، ولن يكون أمام الجيش خيار رفض التفاوض، وسيخضع لذلك، سواء كان التفاوض مع (قوات الدعم السريع)، أو بين حكومتين ، مشدداً على أن التأسيس الجديد سيفرض السلام في البلاد.
النزاعات المسلحة
الايام القليلة القادمة حبلي بالمفاجآت وسيتم الإعلان عن (حكومة السلام) في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، وتأتي هذه الخطوة في وقت عصيب يمر به السودان، حيث تعاني البلاد من انقسام سياسي كبير بالإضافة الي حالة الفوضى الأمنية التي يفتعلها الجيش (الفلولي) وكتائبه واتباعه ومليشياته.ومن جانبه قال مستشار الدعم السريع مصطفى محمد إبراهيم ان الحكومة السلام في السودان تهدف إلى تحقيق السلام والوحدة في بلادنا التي تشهد حربا أكملت عامها الثاني. مؤكدا أن الهدف من الحكومة الجديدة هو (توفير الأمن والخدمات الأساسية) للمواطنين الذين يعانون من التوترات اليومية بسبب النزاعات المسلحة.
التحالف الجديد
وأشار المحلل السياسي انور التجاني الي ان خطوة تشكيل حكومة في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع في ظل وجود حكومة يقودها الجيش في بورتسودان اثارت جدلا كبيرا وأدت إلى انقسام في التحالف المدني المؤيد لوقف الحرب الذي كان يعرف بتحالف “تقدم”، وتشكيل تحالف جديد سمي بتحالف “صمود” بقيادة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك الذي اعلن وقوف التحالف الجديد في موقف الحياد.
وقال التجاني ان التباين داخل “تقدم” أوجد موقفين يرى أحدهما مواصلة النضال بوسائل العمل المدني الديمقراطي دون تشكيل حكومة وتبنته المجموعة التي انضوت تحت “صمود”، وآخر يرى أن تشكيل حكومة هو أحد الأدوات المطلوبة وهو الموقف الذي تبنته المجموعة التي وقعت على الميثاق التأسيسي في نيروبي .
طموحات الشعب السوداني
وقال المحلل السياسي والعسكري اللواء طيار معاش اشرف الشنبلي ان قوي سياسية ومدنية عريضة بما فيهم تقدم بالإضافة الي رجال المقاومة كانت حضور لمحفل نيروبي ومراسم توقيع الميثاق التأسيسي ، وهذا يؤكد ان الحكومة القادمة تحظي بتمثيل عريض وهذا ما اتفق عليه شعب السوداني بوجود حكومة عريضه تلبي طموحات الشعب السوداني ويمثل فيها كل سوداني وان هنالك عدالة في توزيع السلطة و في توزيع الثروة الخدمات.