حميدتي يسجل الهدف الذهبي في شباك مليشيات البرهان: الحقيقة الكاملة للأسلحة الكيميائية وتوعدٌ بحسم المعركة
عمار سعيد

في مشهد يكشف تصاعد المواجهة السياسية والعسكرية داخل السودان، أطلّ الفريق أول محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع، بتصريحات نارية أعادت قلب الطاولة على قيادة الجيش السوداني، وفي مقدمتهم عبد الفتاح البرهان، كاشفًا عن أدلة دامغة تؤكد استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين والمقاتلين، وهو اتهام غير مسبوق في تاريخ الصراع السوداني، قد يُعيد تشكيل الرأي العام المحلي والدولي حول حقيقة ما يجري.
الأسلحة الكيميائية: الاتهام الذي لا يمكن تجاهله
في تسجيل مصور، بدا حميدتي واثقًا وهو يؤكد أن ضرب الأسلحة الكيميائية في السودان “حقيقة مثبتة”، مشددًا على امتلاكه أدلة قاطعة تدين قيادة الجيش بارتكاب هذه الجريمة، التي تُعدّ خرقًا صارخًا لكل القوانين الدولية والإنسانية، وقد تفتح الباب أمام مساءلة قانونية دولية غير مسبوقة.
هذه الاتهامات، إذا ما تم إثباتها، تشكّل ضربة موجعة للمؤسسة العسكرية ومناصريها من الإسلاميين الذين ظلوا يبررون الحرب كمعركة “لحماية الدولة”، بينما تتكشف يومًا بعد يوم فصول مروعة من الاستهداف الممنهج والهمجي.
تحذير مباشر لأنصار الحركة الإسلامية: لا ملجأ لكم
حميدتي لم يكتفِ بالحديث عن الأسلحة، بل وجّه تهديدًا مباشرًا إلى رموز الحركة الإسلامية، على رأسهم علي كرتي وأحمد هارون وأسامة عبدالله، مؤكدًا أنهم “أهداف مشروعة” لقواته، وأن المعركة لم تعد مجرد خلاف عسكري بل صراع مع منظومة فساد وقمع تاريخية تعيد إنتاج نفسها عبر الجيش.
وفي رسالة لأهالي الولايات الشمالية، أوضح قائد الدعم السريع أن قواته تمتلك قوائم دقيقة بأسماء من وصفهم بـ”الدواعش” والمتعاونين مع الحركة الإسلامية، مطالبًا السكان بالبقاء في منازلهم حين وصول قواته، ومتعهدًا بعدم المساس بالأبرياء.
الرسالة الأهم: الدعم السريع ليس “مليشيا قبلية او جهوية ”
واحدة من أكثر الرسائل وضوحًا في خطاب حميدتي، كانت رفض تصوير قواته كمليشيا قبلية من دارفور، مؤكدًا أنها تتكوّن من أبناء السودان كافة، وأنها تقاتل من أجل بناء وطن جديد لا تحكمه عصابات الفساد.
في هذا السياق، بدا حميدتي وكأنه يردّ ضمنيًا على الحملات الإعلامية التي شيطنت الدعم السريع وصوّرته كمليشيا جهوية، رغم توسع قواعده الاجتماعية والسياسية خلال السنوات الماضية.
فضح الدور المصري في الحرب مرة اخرى
أعلن حميدتي أن مصر زودت الجيش السوداني بثماني طائرات حربية يقودها طيارون مصريون، تُقلع من مدينة دنقلا لقصف مناطق في دارفور وكردفان، واصفاً ذلك بـ”العدوان السافر على الشعب السوداني” .
إدخال شاحنات عسكرية: اتهم مصر بإدخال 32 شاحنة عسكرية يوم الأحد الماضي، تحمل ذخيرة وأسلحة ووقوداً للطائرات .
من الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتهم فيها حميدتي مصر بالتدخل في الصراع السوداني، حيث سبق أن وجه اتهامات مماثلة في أكتوبر 2024، متهماً الطيران المصري بالمشاركة في ضربات جوية على قواته في منطقة جبل موية بولاية سنار .
“نحن لسنا دعاة حرب”: خطاب جديد يراهن على المبادرة الأخلاقية
في مفارقة لافتة، حاول حميدتي أن يعيد تشكيل صورة قواته أمام الرأي العام، مؤكدًا أنه ليس من دعاة الحرب، وأنه حاول منعها طوال أربع سنوات، حتى قبل اندلاعها في 15 أبريل 2023. وكشف أنه اجتمع بعلي كرتي، محذرًا إياه من خطر انهيار الدولة، لكن الأخير تهرّب من المسؤولية، ما يُظهر أن الحرب كانت خيارًا فرضه “تحالف البرهان والإسلاميين”.
في لفتة إنسانية نادرة في مثل هذا السياق، استنكر حميدتي دهس أحد الأسرى في معارك كردفان، ووجه بفتح تحقيق عاجل في الحادثة، مشددًا على أن هذا التصرف “لا يشبهنا”. كما أمر بعدم قتل الأسرى وتسليمهم للجهات المختصة، في رسالة تستهدف مخاطبة الضمير الأخلاقي وتعزيز الانضباط داخل صفوف قواته.
الهدف الذهبي: عندما ينكشف المستور
تصريحات حميدتي تمثل “الهدف الذهبي” في شباك قيادة مليشيات الجيش ، لأنها جمعت بين الفضح المباشر، وتوجيه الرسائل الاستراتيجية، وإعادة تعريف أهداف الحرب ومبادئها. وهو بذلك يسعى إلى:
إقناع الرأي العام السوداني بأن الجيش هو من بدأ الحرب، وأن الدعم السريع دافع عن الشعب.
نزع الشرعية السياسية والدينية عن الإسلاميين وتحالفاتهم العسكرية.
إعادة تصويب صورة الدعم السريع كقوة وطنية تمثل كل السودان.
معركة الرواية على أشدّها
في خضم حرب دامية لم تترك مدينة إلا ونالها الدمار، تبقى الحرب على الرواية والتأثير الإعلامي هي الجبهة الأهم. ومع هذا الخطاب، يؤكد حميدتي أنه ليس فقط قائدًا عسكريًا، بل فاعل سياسي يسعى لفرض سرديته على الساحة الوطنية والدولية.
فهل تُحدث هذه التصريحات تحوّلًا في مواقف الداخل والخارج؟ وهل ستفتح ملفات الأسلحة الكيميائية باب المساءلة الدولية؟
كل ذلك سيظهر في قادم الأيام، لكن الأكيد أن الجيش ومليشياته الآن في موقف دفاعي أمام كرة حميدتي الذهبية.