رأي

د. خالد تارس: حول خطاب حميدتي

سجل قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان خطاباً استراتيجيا غير مسبوق، أعلن من خلاله مواصلة التصدي للإرهاب ليس عبر اتفاق جده الذي فتح للإرهابيين شهية العودة إلى إلى السلطة والإنتقام من الأبرياء وانصار الديموقراطية، ولكن عبر نضالات الاشاوس وتضحياتهم الممتدة لعامين من الزمان، حديث حميدتي في هذه المرة ليس تكتيكاً حربياً لكسب المعركة وإنما برنامجاً استراتيجياً لمكافحة الغلو والتطرف واستئصال جذورة الضاربة في العمق السوداني. لأول مره يجاهر الفريق حميدتي برفضه القاطع لبنود (جدة).. التي ابرمتها قواته مع ما يسمى بالجيش تمهيداً لوقف النار والدخول في مفاوضات تنهي الحرب في البلاد، ويلاحظ أن الخطاب قد ألهب حماس جنود الدعم السريع بدرجة كبيرة، وضاعف ثقتهم في الرجل الذي يوصيهم بدفن موتى الخصم ثم مواصلة القتال.

في هذا الخطاب سخر حميدتي من (جده).. التي تحولت إلى فرص تمنح الإخوان المسلمين وقتاً إضافياً للتسلح والتعبئة بصورة طغى عليها خطاب الكراهية والعنصرية، هو ذات المناخ الذي أعطى هذا التنظيم  فرصة التمسك بالحرب كخيار اوحد يبقية على المشهد السياسي، ثم يعيده تارةً أخرى إلى سدة الحكم، ومن وقتها انخرط الجماعة في برنامج التسليح عبر دول أشار إليها حميدتي في حديثة، وبالتالي فإن مباحثات السلام ماهي إلا تطويل لأمد الحرب وتهويل معاناة السودانيين الهاربين من ويلاتها، وسيؤدي ذلك إلى زيادة رقعة الإرهاب المستشري بالمنطقة، ويجعل أمر الوصول إلى السلطة عبر الدماء هدفاً تسعى إليه الفئة الباغية بكل ما أوتيت من قوة، ولا يفوت على القراء زهو قائد الجيش وتمجيده ل (البندقية) كوسيلة للوصول إلى السلطة.!

تحدث الفريق حميدتي عن الغرور الزائد لقادة الجيش وسلوك الكتائب المتحالفة معهم على باطلا اتسم بالعنصرية والوحشية وانعدام الضمير. ولأول مرة يحمل خطاب الرجل انتقادات لاذعه لقادة الحركات التي تقاتل إلى جانب الإسلاميين في حرب الكرامة التي قطعت طريق الثورة والتحول المدني، وهو يرى أن وجودهم بشكل هزيل داخل هذه المجموعة أمر يدعو للشفقة والرثاء، حيث لا يتسق خطهم الثوري المعلن مع ما يقومون به من تأييد سياسي للإسلاميين، ولا يتعدى هذا الإدعاء كونه شكلاً من أشكال الارتزاق والانحطاط القيمي لهؤلاء القادة الذين حتى وقت قريب يسمونهم بقطاع الطرق.. فقد مارست الإسلاميون على هذه الحركات اسلوباً لا يليق بشراكتهم في هذه الحرب التي اشعلوها للهروب من المحاكمات، وهم لن يستحوا ان يفرقوا بين جرحى الكتائب الجهادية وجرحى الحركات حتى في حق الحصول على العلاج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!