
يخوض السودان حربًا طاحنة أكلت الأخضر واليابس، لكنها ليست مجرد معركة عسكرية تقليدية، بل حربًا قذرة مدفوعة بأهداف خفية. الأسباب الحقيقية للصراع تعود إلى سعي جماعة الإخوان المسلمين لاستعادة نفوذها الذي أُطيح به في ثورة ديسمبر، ورغم وضوح هذه الحقيقة، فإن دعاية الإخوان السوداء تبث روايات مضللة تزيف الواقع وتضلل الرأي العام، لتشويه الحقائق وتبرير استمرار النزاع.
كما تروج جماعة الإخوان أن الحرب اندلعت بسبب انقلاب قوات الدعم السريع على سلطة النظام، لكن الواقع يشير إلى أن الإخوان يقفون خلف هذا الصراع لإعادة ترتيب صفوفهم وإحياء ملكهم الزائل. الأخطر من ذلك أن هذه الدعاية لا تكتفي بتحميل الدعم السريع مسؤولية الحرب، بل تمضي إلى الزعم بأن القوى المدنية، ممثلة في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، هي المحرك الحقيقي لهذه الحرب، وأن الدعم السريع ليس سوى أداة بيد هذه القوى. هذا الادعاء السخيف يكشف مدى خبث استراتيجية الإخوان في تشويه خصومهم وضرب مصداقية القوى المدنية التي تمثل حجر الزاوية في أي تحول ديمقراطي حقيقي في السودان.
وفي الوقت الذي تشن فيه جماعة الإخوان حربها بالتواطؤ مع الجيش، وتجيش جيوشًا من المخربين الذين يستهدفون المواطنين الأبرياء وممتلكاتهم. يُمارس الاخوان هذه الجرائم بدم بارد لتوسيع رقعة الفوضى، ثم تُطلق ماكينتها الإعلامية لتتهم الدعم السريع بارتكابها. هذه الدعاية السوداء، التي لا تنطلي إلا على السذج، تهدف إلى شيطنة الدعم السريع، وإحكام السيطرة على السردية الإعلامية، بينما يستمر المدنيون في دفع الثمن الباهظ.
وعلى الرغم من أن قوات الدعم السريع أعلنت مرارًا وتكرارًا استعدادها غير المشروط للدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب، ترفض القيادة العسكرية التي يهيمن عليها الإخوان المسلمون أي حوار. هذا الرفض ليس مجرد عناد سياسي، بل هو تكتيك مدروس لإطالة أمد الحرب، ما يتيح لهم تحقيق مكاسب سياسية على أنقاض الخراب. وبينما يعلن الدعم السريع استعداده لتنفيذ مخرجات اتفاق جدة وقبول وقف إطلاق النار، تصرُ الخلية الإخوانية التي تتحكم في الجيش على استمرار القتال متذرعة بمزاعم واهية، متهمة الدعم السريع بعدم الالتزام، رغم أن الوقائع تكشف العكس.
كذلك الأكثر إثارة للدهشة والسخط هو التدخل المقيت لدولة مصر، التي تلعب دورًا تخريبيًا واضحًا بتحريض الجيش الاخوانية على رفض أي حلول سلمية، كما ظهر جليًا في موقف الجيش السوداني الرافض للمشاركة في مفاوضات جنيف. ومع ذلك، لا يتورع الإخوان عن الحديث بوقاحة عن “انتهاكات” الدعم السريع، متناسين دورهم الأساسي في تعقيد الأزمة وتوسيع دائرة الحرب.
اخيراً؛ ما يجري في السودان ليس مجرد حرب بين الجيش والدعم السريع، بل هو معركة كبرى بين قوى التحول الديمقراطي وجماعة الإخوان المسلمين، التي تسعى لإعادة إنتاج استبدادها بدماء السودانيين. وفي الوقت الذي يزداد فيه الوضع الإنساني تفاقمًا، تبقى الدعاية الإخوانية السوداء أخطر أسلحة هذه الحرب، إذ لا تكتفي بإشعال النيران، بل تحاول تزييف الحقائق لتبرير جرائمها. إن تفكيك هذه الدعاية ومواجهة أكاذيبها أصبح ضرورة ملحة، ليس فقط لإيقاف نزيف الحرب، بل لإنقاذ السودان من براثن الظلام الذي يحاول الإخوان المسلمون جرّه إليه مرة أخرى.