
في لحظةٍ من لحظات التاريخ الحاسمة، حين يتراجع صوت العقل، ويسود التردد، وتغيب الرؤية الواضحة، يكون الثمن فادحًا. القوى السياسية السودانية، بكل أطيافها—أحزاب الأمة، والاتحاديون، والشيوعيون، والمؤتمر السوداني—تتحمل اليوم مسؤولية جسيمة في التقصير والتردد في مواجهة التهديد الحقيقي الذي تمثله الحركة الإسلامية وكتائبها، التي تلتهم مؤسسات الدولة، وتختطف الجيش السوداني تحت قيادة المدعو علي كرتي، لتعيد إنتاج عهد الاستبداد والقمع، بأساليب أشد بطشًا وأكثر وحشية.
لقد توهمتم أن مهادنتهم سياسة، وأن التراخي حكمة، لكن الحقيقة الساطعة كالشمس في رابعة النهار أنكم منحتموهم فرصة استعادة أنفاسهم، وها هم اليوم يستعدون لتدشين عهد إسكات الأصوات المعارضة بالبنادق، وسَوق الشعب إلى حظيرة الطاعة القسرية. إن بطشهم لن يستثني أحدًا، وستدفعون جميعًا الثمن غاليًا، حين لا ينفع الندم، ولات حين مندم.
ستندمون كما ندم الكسعي، حين أفاق ليجد أنه أجهد نفسه في قطع شجرة كانت مصدر قوته وظله، فإذا به يخسر كل شيء. أنتم اليوم أمام لحظة مصيرية، فإما أن تتداركوا خطأكم، وتدركوا أن صمتكم وتقاعسكم لن يجلب إلا الهلاك، أو تتهيأوا لدفع ثمن العجز عن اتخاذ القرار السديد، حين يكون الندم بلا جدوى، والصراخ بلا صدى.