
أخبرني صديق مقرب عاش زمانا في بلدان الغرب والشرق، وشغل مواقع رفيعة بالمنظمات والهيئات الدولية، بأن غالب حرس الرؤوس النووية من جنس النساء، وذلك لأنهن الأكثر صبراً واستشعاراً للمسئولية في أحلك الظروف، ليس كما عهدنا في مرجعيتنا الدينية، التي تصف المرأة بنقصان العقل والدين، إنّ المخرجات التي تلي إيقاف المشروع النووي الإيراني، ستثبت للعالم أن إسرائيل هي الأكثر حرصاً على السلم والاستقرار العالميين، وهنا تحضرني رواية لفتاة إثيوبية عملت نادلة بالفندق الذي اغتيل داخله المبحوح – كادر حماس الشهير، فبعد أن علمت السلطات بالجريمة هرعت الشرطة والاسعاف إلى المكان، وكانت الجريمة قد انحصرت في غرفة المجني عليه، ولم تطال أي شخص آخر، وحتى الجناة فرّوا إلى خارج الدولة، هاج الناس وماجوا حول مسرح الجريمة (الفندق)، وكبّر مسلمو آسيا المعروفون بتشددهم الديني، وقذفوا إسرائيل بأقذع الألفاظ عدا إلّا النادلة الإثيوبية، التي قالت: احمدوا ربكم أن منفذ العملية “الموساد”، فلو كان الفاعل أي جماعة إرهابية شرق أوسطية، لهدّت الفندق على رؤوس ساكنيه بزرع قنبلة مدمرة، صدقت النادلة، والمشاهد المتكررة للعمليات التفجيرية الممتدة من باكستان إلى الشام والعراق شاخصة وشاهدة على هذا السلوك الإرهابي، ولا أحد يسلط الضوء على المجهودات الدولية الخضراء، الساعية لتخليص الكوكب من المخزون النووي.
عقيدة الإفناء والإبادة عقيدة متطرفة موجودة بذهنية المتطرفين، سواء كانوا دينيين أو غير ذلك مثل الألماني أدولف هتلر، ففي السنوات الماضية سمعنا النظام الإيراني أكثر من مرة يهدد بمحو إسرائيل من الخارطة، وقبله توعّد نظام البعث العراقي إبّان قيادة صدام حسين ونفّذ وعيده فعلياً، بإطلاق أكثر من ستين صاروخ من نوع “سكود” على تل أبيب، بالمقابل لم تصدر الحكومات الرسمية لدولة إسرائيل تصريحاً بإبادة شعب أو دولة، ولم تخاطب صدام حسين بنفس الطريقة، ما يعزز أن دولة إسرائيل لا تسمح لأي دولة عربية كانت أم إسلامية لأن تمسح أخرى من الوجود، ما يدل على أن فكرة الإبادة ليست موجودة إلّا في عقول بعض المتشددين من العرب والمسلمين، ممن يظنون دوماً أن الآخر يتربص بهم الدوائر، الأمر الذي لا يستند إلى مرجعية، فعالم اليوم تقوده المصالح الاقتصادية أكثر من قيادة الأحقاد التاريخية، وواحدة من الإخفاقات الإعلامية للأنظمة الإسلامية، استمراء التصريحات الحمقاء، الصادرة من الجهات السيادية العليا لهذه البلدان، بإفناء ومسح دول وبلدان أخرى من أطلس العالم، الأمر الذي يعتبر جريمة وجهالة سياسية، وهو ذات الإعلان المهووس الذي جهر به مساعد قائد الجيش السوداني، بقطع نسل الحواضن الاجتماعية للمجموعات القبلية التي يحسبها داعمة لجيش “تأسيس”، ذلك الجيش الذي يخوض حرباً ضد المليشيات الإرهابية المسنودة من الحرس الثوري الإيراني.
إنّ الغرب لا يأمن على أي مشروع نووي خاص بالأنظمة الإسلامية الحاكمة لبعض بلدان الشرق الأوسط وغرب آسيا، حتى لو كان هدف المشروع سلمي محض يهدف إلى توليد الطاقة الكهربائية، والسبب هو أن بعض العرب والمسلمين لا يكترثون لتصريحاتهم وهم يمثلون دولهم وبلدانهم في أعلى قمم مؤسساتهم السياسية والدبلوماسية، فتجد رئيس الدولة منهم يطلق للسانه العنان على أثير الفضاء المراقب دولياً، فيهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور دون أن يملك واحد بالمائة من إجمالي الرؤوس النووية المسيطر عليها من (دول الكفر) حول العالم، لهذا السبب ارتكب صدام حسين أكبر خطيئة في تاريخ العراق، وعلى إثر ذلك جاء خطا المذهبيين الإيرانيين بسيرهم على ذات الدرب خطو الحافر بالحافر، دون اعتبار بما جرى لجارهم (العربي) القريب (العراق) قبل ربع قرن من الزمان، وما حدث لحليفهم الافريقي البعيد (السودان)، فنموذج الشطط الإعلامي لنظام الحركة الإسلامية في السودان، وما جرّاه على البلاد من حصار دولي وامتعاض إقليمي أدى لإسقاطه، يجب أن يكون عظة وعبرة لمن لم يعتبر بعد، وأن يكون مدعاة لمخرج آمن لجميع البلدان المتأثرة بنفوذ الجماعات المتطرفة والإرهابية (لبنان والعراق واليمن والسودان وفلسطين وإيران)، فما عادت العاطفة الدينية الجياشة تسهم في حلحلة تعقيدات وتقاطعات السياسة الدولية في المنطقة