
في خضم التصدعات المتسارعة داخل معسكر الجيش السوداني، تلوح في الأفق ملامح سيناريو جديد قد يُعيد رسم خارطة التحالفات ويغير ميزان القوة في الحرب الدائرة. فالقوات المشتركة، التي كانت تُقدَّم باعتبارها ذراعًا تكتيكيًا لتعزيز قبضة الجيش في غرب السودان، تبدو اليوم وكأنها تتحول إلى “حصان طروادة” قد يُسهِّل لقوات الدعم السريع اختراق جغرافيا النهر والبحر.
الخلافات العميقة التي برزت مؤخراً بين قيادة الجيش وهذه القوات – سواء بشأن التشكيل الوزاري المرتقب أو بسبب تهميشها الميداني وتكبدها خسائر فادحة – فتحت الباب أمام احتمالات غير متوقعة. ويبدو أن خطاب قائد الدعم السريع الأخير، حين قال “اذهبوا فأنتم الطلقاء”، لم يكن مجرد رسائل تصالحية، بل إشارة سياسية ذكية موجهة لمن يشعرون بالغدر أو الإقصاء داخل المعسكر الآخر.
الرسالة التي تلقفتها القوات المشتركة قد تُترجم ميدانياً إلى حياد تكتيكي، أو حتى انفتاح نحو تفاهمات غير معلنة مع الدعم السريع، خاصة إذا ما وُضعت في سياق الانهيار المعنوي وتآكل السيطرة الجوية والبرية للجيش في محاور كثيرة. فهل نشهد إذن إعادة تموضع لهذه القوات في رقعة الصراع؟ أم أن الولاء للمركز سيتفوق على الإحساس بالغدر والخذلان؟
في الحروب المعقدة كالسودانية، لا ينتصر الأقوى بالسلاح فقط، بل بمن يُحسن قراءة لحظة التحول. والدعم السريع، على ما يبدو، يُجيد اللعب على وتر التحولات النفسية والسياسية داخل صفوف خصومه.
هل ستفتح “القوات المشتركة” الأبواب من الداخل؟ سؤال قد تُجيب عليه الأيام القليلة القادمة، وربما يكون جوابه بداية لموجة عسكرية جديدة لا تُبقي ولا تذر.