رأي

القبلية في السودان سلاح مدمر في يد الفاشلين

مها الهادي طبيق

القبلية تحوّلت في السودان إلى أداة في يد السياسيين الفاشلين انتهت بهم إلي تمزيق الوطن وحولته لساحة صراعات دموية عطلت مسيرته لعقود طويلة . فالانحياز للقبيلة على حساب الوطن قوّض مفاهيم العدالة ، وهدد قيم المواطنة ، وأعاق بناء دولة القانون والمؤسسات .

إن أخطر ما في القبلية أنها تزرع الشك والكراهية بين أبناء الوطن الواحد ، وتحول الخلافات السياسية أو الاجتماعية إلى صراعات وجودية . في ظل غياب الوعي الوطني، تصبح القبيلة ملاذًا بديلًا للعدالة ، وتُختزل الحقوق في الولاء العرقي لا في الكفاءة أو الاستحقاق .

لقد شهد السودان مآسي إنسانية مريرة كان للقبلية دورٌ مركزي فيها ، خاصة في مناطق مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ، حيث تم تسليح بعض المكونات القبلية وتجييشها ضد الأخرى ، مما أدى إلى ارتكاب جرائم مروعة وتهجير جماعي ودمار شامل للنسيج الاجتماعي .

إن الاستمرار في تغذية القبلية والفهم العنصري سواء عبر الخطاب السياسي أو وسائل الإعلام أو حتى في التعيينات الحكومية ، يعني ببساطة السير نحو الهاوية . فالدولة التي تُدار بمنطق الولاء القبلي لا يمكن أن تعرف الاستقرار أو تحقق التنمية .

لذلك، فإن التصدي للقبلية واجب وطني . يبدأ بتعزيز مفهوم المواطنة ، ونشر ثقافة التعايش ، وبناء دولة يسود فيها القانون لا الانتماء ، والكفاءة لا المحسوبية . كما أن على النخب السياسية والدينية والمجتمعية أن تقف وقفة صادقة ضد هذا الخطر المتجذر ، وأن تبني خطابًا جامعًا يعيد للناس ثقتهم في وحدة السودان وتنوعه .

السودان لن ينهض ما لم تتحول القبيلة إلى جزء من الهوية الثقافية والاجتماعية وإستغلال كل ميزة إيجابية من ميزات افراد مكوناتنا الاجتماعية نحو البناء والتنمية ، لا إلى أداة صراع وتفتيت . فإما أن نرتقي بوطن يجمعنا ، أو نضيع في قبائل تفرّقنا وتهبط بنا إلي قاع الهاوية .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!