رأي

المصباح يُغرّد: طهران تُخصّب اليورانيوم في السودان

اسماعيل عبد الله

قائد فيلق البراء بن مالك الإخواني السوداني مغرداً في حسابه بفيس بوك: (ماذا لو اكتشف الأمريكان أن إيران تقوم بتخصيب اليورانيوم خارج حدودها)، ما يوحي بأن الحركة الإسلامية السودانية جناح علي كرتي، وذراعها العسكرية “فيلق البراء بن مالك”، قد أعدت البديل لنظام الملالي في حال تم قصف البنية التحتية للمشروع النووي، وهذه التغريدة تعتبر الدليل الدامغ على ان المتشددين السودانيين، هم أول الداعمين للحرس الثوري الإيراني بالتسهيلات اللوجستية، وحينما وصفنا بورتسودان بأنها المرتكز الأساسي للنظام الإيراني بعد اليمن، لم نكن مخطئين، لأن قائد كتائبهم قد غرّد بهذا ضمناً مع (وجه مبتسم) مصاحب للتغريدة، هذا الشاب النحيل الطويل الذي فشل في نزع خزنة الكلاشنكوف، في إحدى الفيديوهات المصورّة، وبحكم سذاجته المأخوذة ممن دربّوه من جماعة الهوس الديني، يتبرع بهذه المعلومة للموساد بكل كرم وسخاء، فالأنظمة والحركات الإرهابية تحمل بذرة فنائها في داخلها، تماماً مثلما جرى لحزب الله وحركة حماس، فقد اخترق الموساد هاتين الجماعتين من بوابة الهواتف الخليوية، التي صدّرتها شركات عالمية للجماعتين، دون أن تتثبتا من التقنيات المنحوتة داخل “السوفت وير” الخاص بالأجهزة، أما في حالة السودان فالموساد لا يحتاج لجهد تقني فائق الدقة، لأن قادة الكتائب كانوا في ماضيهم القريب مجرّد باعة جائلين في الأحياء يعرضون الأواني المنزلية لربّات البيوت.

إنّ من أكبر الشرور التي جلبتها الحركة الإسلامية في نسختها الأخيرة، والتي يقودها قائد مليشيا الدفاع الشعبي سابقاً (علي كرتي)، هي تمكين “شيعة إيران” المؤمنين بولاية الفقيه و”التقية” من رقاب السودانيين، متجاهلين الإرث الصوفي المتجذر في وجدان الشعوب السودانية منذ “كوش”، إنّ ما فعلته هذه الجماعة المجرمة (جماعة علي كرتي) بالسودان لا يستوعبه عقل إنسان، وما قاله قائد فيلق البراء لم يأت من فراغ، فقد شهدنا قبل أسابيع مضت مقطعاً مصوراً للأنفاق التي بناها نظام ولاية الفقيه بإحدى الولايات، ما أكد على مقصد التغريدة التي خرجت في حين غفلة من ساذج، وضعته الجماعة على رأس قيادة المليشيا، هذه هي الحقيقة المجردة التي يجب على كل السودانيين الداعمين لشعار (جيش واحد شعب واحد)، أن يعلموها ويعوا مقاصدها الخبيثة، السودانيون الذين اختطفتهم الدعاية العاطفية التي أشعلتها الحركة الإسلامية “الكرتية”، عندما أيقنت أنهم كفروا ببرنامج “ساحات الفداء” الجهادي، وأنهم لا يكترثون لمن يبشرهم بدولة “الخلافة الراشدة”، ولا برفع الأذان في البيت الأبيض والكرملين، فأصبح سبيل “الكرتيين” الوحيد الضرب على وتر الجيش (الواحد)، ذلكم الجيش الذي فكّكوه بمجرد انقلابهم على السلطة الشرعية قبل أكثر من ثلاثين عاما، الجيش الذي رهنوا إرادته لأجندة الحرس الثوري الإيراني، فحوّل البلاد إلى مستودعات من الأسلحة الكيميائية واليورانيوم المخصب.

من محاسن الصدف التي خدمت جيش التأسيس بالمجان، بساطة وسطحية تفكير الجيل الأخير للحركة الإسلامية (الكرتونيون)، فلو نهض الحسنان (حسن البنا وحسن الترابي) من قبريهما الآن، لأوسعوا هذا “البراء” ضرباً مبرحاً بالسياط وألقوه في غياهب الجب، ولو أردتم أن تدركوا مدى كارثية هذا الشاب على جماعته الغائبة عن الوعي، تابعوا رأي رائد دويلة “النهر والبحر” الجهوية حوله، حينما قام هذا الفتى النحيل المتوشح بالكوفية والفاشل في الإمساك بالبندقية، بتصوير جميع مخابئ مصنع اليرموك من الداخل، بعد انسحاب قوات الدعم السريع من الخرطوم، الأمر الذي لم يفعله حتى (الجنجويد)، إنّ أهم عوامل انهيار (دولة البرهان) من الداخل، هو اعتمادها الكبير على صبية ناعمين ومنعّمين لم يخوضوا معركة حقيقية، همهم الظهور أمام الكاميرات ممسكين بالزناد، بعد انقشاع السحاب وتكدس الرماد، حاملين أنابيب الأنسولين مستلقين على أسرة المستشفيات، ومتصفحين للآي باد، في الوقت الذي يقدم فيه المأجورون (المشتركة) الروح والعناد. إنّ ما غرّد به هذا (الطفل المعجزة) يعتبر تبرع سخي بالإحداثيات للقوى الدولية المناهضة للطموح النووي الإيراني، وهذه التغريدة قد فضحت هشاشة البنية الفكرية لآخر أجيال الحركة الإسلامية السودانية، الجيل الذي يشبه جيل الخليفة الأموي الأخير (الوليد)، الذي مزّق المصحف، وتحدّى المصحف أن يشكوه للحميد المجيد، استغفر الله وأتوب إليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!