رأي

الشهيد رامي معتصم قري : حين اختار فارس المحس النضال على الثروة

محمود كاربينو

في خضم معركة لم تكن كسابقاتها، معركة وضعت الوطن على مفترق طرق بين الطغيان والحرية، وبين الظلم والعدل، برز اسم الشهيد رامي معتصم قري، ابن رجل الأعمال المعروف، ووريث المال والجاه، لكنه لم يرى في الثروة حاجزاً عن الانتماء، ولم يجعل من النعمة عزلة عن شعبه ، بل آثر أن يكون بين الصفوف الأولى، يحمل سلاحه ويضع روحه على كفه، منخرطاً في معركة 15 أبريل المجيدة، إلى جانب أبطال قوات الدع&م السري$ع.

 

رامي لم يكن مجرد مقاتل، كان رمزية حية على أن هذه الحرب لم تكن حرب قبيلة، ولا صراع مناطق، بل كانت ملحمة وطنية تشكلت من كل الأطياف، فها هو ابن المحس، القادم من جذور ضاربة في شمال السودان، يختار أن يسكن أركويت، ويتجاوز كل التصنيفات الضيقة، ليندمج في حركة وطنية تحلم بوطن يتسع للجميع.

 

لقد كان بإمكان رامي أن يكتفي بمشاهدة الحرب من خلف الزجاج، وأن يلتزم الصمت كما يفعل من اختاروا الحياد الآمن، لكنه كان يرى أبعد من ذلك، يرى أن الثروة بلا كرامة لا تصنع رجولة، وأن الحرية لا تُوهب بل تُنتزع، لذلك لبى نداء الوطن، وجعل من نفسه جسراً بين الشمال وساحات المقاومة.

 

سقط رامي شهيداً، لكنه ارتقى رمزاً ،رمزاً لوحدة السودان الحقيقية، حيث يمتزج دم المحس بالرزيقات، ويقف أبناء الشمالية إلى جانب أبناء دارفور وكردفان والشرق والوسط، كتفاً بكتف، وقلباً بقلب، دفاعاً عن وطن تُكتب هويته الآن بالدم والتضحية.

 

سلامٌ على رامي، وعلى كل من رفضوا أن تحاصرهم الجغرافيا، أو تعزلهم الطبقات ، وسلامٌ على المحس، هذه القبيلة التي قدّمت ابنها فارساً في زمن عزّ فيه الفارس، ليقول إن النضال لا لون له، ولا عرق، ولا اتجاه، بل هو التزام أخلاقي قبل أن يكون موقفاً سياسيًا.

 

وداعاً أيها الفارس، فقد جعلت من استشهادك حياةً جديدة لفكرة السودان العادل، المتنوع، الذي لا يقصى فيه أحد، ولا يُحاكم فيه أحد بناءً على جذوره أو لهجته أو ثروته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!