رأي

حتى لا .. ننسى!

د. منى الفاضل

manoiaalfadil18@gmail.com
فجيت الخُلُوُق 2…
(البُطان أصبح حق المرأة وليس الرجل)
تناولت من قبل أغنية ( سُعاد) للشاعر القدير الأستاذ /عمر الطيب الدوش ومن الحان وغناء موسيقارنا الكبير له الرحمة والمغفرة استاذ / عبدالكريم الكابلى، ونسبةٍ لطلب الكثير من قُرائي الأعزاء لهم التقدير والوُد جميعا ، وكانت مطالبتهم أن اتناول بقية الجوانب التى ذكرتها فى مقال سابق ولكنني قد توقفت سابقا فى لهفة المحبوب ووضع نفسه تحت جلد السوط (البُطان) الذى يقوم به البعض فى مناطق مُختلفة فى سواداننا الحبيب فى مناسبات الأفراح ، و الغرض منه إظهار شجاعة الرجل وتحمله لهذه السياط تنزل على ظهره مثل العقاب القاسي والتعذيب، وعليه برغم هذه الحُرقة المشت بين الضلوع أن لا يصًرُخ او يتألم وأن لا يُظهر حتى إحساسه بإلالم من وجع الضرب عليه ومن الغريب ان هذه العادة يعتبرها الكثيرون من الذين يمارسونها فى بلادنا الحبيب السودان أنها عبارة عن إثبات الرجل انه راكز وشجاع ولا يُضاهى فى كل ما بنزول وابل السياط عليه، بل يتم الزغاريد من النساء على هذا الثبات المُرعب والذى تتم فيه قسوة غير مسبوقة فى كل دول الدنيا إلا نحن، نعتبر أن الشجاعة هى ما تُثبت مدى رجولة الرجل أمام الأعين لتحمل البلاء والعذاب القاسي .
إذا أخذنا نفس ذلك الرجل الذى تم جلده أمام الجميع إجتماعيا من حيث الأوضاع الأخرى التى تهمنا من هذه الزعاريدو دلالة الإعجاب بتلك الشهامة ووصف ذلك الثبات أنه هو الرجولة !!! فلنقف قليلا فى هذه النقطة جميعا ودون أدنى (زعل) بل مواجهات صادقة لمُجتمعنا الذى ظهرت فيه كثير من الأشياء الغريبة بعد هذه الحرب وكانت فيها إشانة وعيب على سلوك المُجتمع السوداني(السابق) لأن بطبيعة قولن الغريب ايضا أن الشر يعُم بينما الخير يخُص!! بالرغم من عدم قناعتى بتلك المقولة !! ولكن ألفنا قولها لأننا شعب إنطباعى نحكم بما نسمعه ونقتنع بما إقتنع به من يهُمنا امرهم دون أن نُعطى انفسنا فرصة ان نتحقق مما نسمعه ضد فلان ولن نُعطى العُذر لعلان لأننا اخذنا الحُكم دون دلائل ونعتبر أن السمع والإنطباع هو دليل كامل ، لنعود أدراجنا لمن تم جلده وزغردت له الحسٍان ؛ نفس ذلك الرجل سيتزوجها ولكنه يتعامل معها معاملة أنها ناقصة وليس لديها العقل الكافى حتى تكون إنسانا له حق القرار او الإختيار ، بل هُناك فى عُقُود متواصلة مضت لا زلنا نعيش ضيمها ، وصلت النساء فى بلادى الى ضرب السياط أمام العامة ويتم تصويرهن ويضعُوا تلك المناظر على الميديا ليتفرج الجميع وتكُون فى متناول الحبيب والشامت وليس ذنبها غير أنها رفضت ان تُسلم نفسها لواحد من عساكر جلادها او الذى يسمونهم (الشرطة فى خدمة الشعب) وهى القصة الحقيقية لهذا الضرب فقد تم إتهامها بممارسة الرزيلة بينما هى رفضت تلك الرزيلة ممن هو فى خدمتها !!! حديثى لكل هؤلاء الذين يؤمنون بان الضرب والبُطان هو واحد من مظاهر الشجاعة والرجولة التى يجب على الحٍسان ان يزغردن عليها !! بالله عليكم اليس مثل هذه أحداث يُندى لها الجبين ؟؟ والكثير والكثير جدا مما وجدنه نساء بلادى من مُقابل خدمة او قبولهن فى وظيفة ، تمرير خدمة مهمة فى مكتب رسمى او خاص لكى يتم خدمتها ، وإستغلال أشكالهن وولون بشرتهن أن يكونن واجهات إعلامية تلفزيونية ورفض من لا تملك تلك الميزة كأنها هى من خلقت نفسها !! لنعكس أننا نمتلك لون بشرة فاتح وكأنما تقييمنا كبشر إن لم نمتلك تلك البشرة الفاتحة فنحن لا قيمة لنا !! هل كل تلك المهازل والمهالك التى تُمارس ضد المرأة وذلتها فى الإعتصام والحُروب بالإغتصاب هل هذا دليل الشجاعة للمجتمع الذى أهُينت فيه المرأة بأسوأ ما يُمكن من الإساءة ، بينما إمتد الكثير ممن يُجلدون أمام زغاريد تلك المرأة المُهانة !! قد يتعجب او يعترض الكثير على حديثى الصريح هذا !! لكن الرد يأتى من داخل نفس من يعترض ، وأسألك بالشهامة التى لا تُريد إلا ان يصفُوك بها ، هل ما حدث للمرأة السودانية على ما يقرُب من الخمس وثلاثين عاما ونيف ، هل له علاقة بالشجاعة والشهامة ؟ وما يحدث من عذاب لنساء بلادنا جميعهن حاليا من تشرد ونزوح وجوع ومرض هل فى باطنه لمحة من الشجاعة فى حماية تلك المرأة وطفلها الصغير الذى يتعذب من نفس الكأس!! وعندما أقول نساء لا أفرق بين بيضاء او سمراء ، فجميع نساء بلادى فى كل أطرافه واجزائه يستحقن الإحترام والحياة الكريمة التى تليق بهن لأنهن صامدات ويكفي…
الشجاعة ايها الرجل وابن بلدنا المُقدر ليست فى تحملك لجلادك إن كان بالسوط او القهر من ظلم حُكامك أمام من تُعز من النساء المُقربات لك ، الشهامة عند النساء تأخذ عنوانا آخر ، فحمايتك لها مما تخاف شهامة، إحتواءك لها لحظة ضعفها شهامة ،وقوفك بينها وبين من يعتدى عليها تحرشا ، لفظا ، تنمرا هو شهامة ، إبعاد تفكيرك عن أنها جسد فقط لا عقل له شهامة ، مخافة الله فى جميع حقوقها من ميراث وبيع وشراء ومعاملة هو شهامة ، أبسط المواقف التى تثكر فيها إستغلالها إن أبدلت ذلك بغيره ستجد أنك أثبت رجولتك وشهامتك ، فالرجولة لا تحتاج العُنف و تحمل الضرب وقبول الذل من اجلها ّ!! قد يكون من ساهم فى هذا المفهوم الغير صحيح البعض من النساء أنفسهن ولكن إن إستدرك الرجال بعض من العقل الذى يصفون به أنفسهم دون النساء بأن سياسة العُنف هى ما دمر حياتنا وبلادنا ، سيدركُون أن النساء برغم من وجود منهن مُحرضات على ذلك العنف، ولكن بقية كل تفاصيلهم وتفكيرهم هى من تمتلك أكبر العقل المُدبر الذى سيسعى فى تعمير هذا البلد الذى دمرتوه من باب الشهامة والشجاعة وكان الثمن غاليا ..
ودمتم …

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!