
نحو مشروع وطني جامع :
لا زال السودان إلي اليوم مواجه بتحديات وجودية بسبب الصراعات العرقية والدينية والهُوياتية العميقة التي تهدد وحدته واستقراره ، وهذه الأزمات ليست جديدة بل نتاج تراكمات تاريخية من التهميش وسوء إدارة التنوع واستغلال الاختلافات كأدوات سياسية . للخروج من هذه الدوامة ، يجب وباختصار أن يرتكز أي مشروع وطني على المحاور التالية :
أولاً : الاعتراف بجذور الأزمة المتمثلة في فشل النخب في بناء دولة عادلة تعترف بالتعددية .
ثانيًا : يحتاج السودان إلى إعادة تعريف هويته الوطنية على أساس المواطنة المتساوية لا الانتماءات الضيقة ، مع تجاوز الثنائيات المُفَرِّقة مثل “عرب وأفارقة” أو “مركز وهامش”.
ثالثًا : لا بد من تطبيق عدالة انتقالية حقيقية تضمن محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات ورد اعتبار الضحايا كشرط للمصالحة ، لأن السلام لا يُبنى على النسيان بل على الحقيقة والمساءلة .
رابعًا : يتطلب الحل تبني نظام سياسي لا مركزي (كالفيدرالية) أو ( الحكم الذاتي الموسع ) بحيث يضمن مشاركة الأقاليم في السلطة والثروة ، لأن الدولة المركزية القابضة على السلطات أثبتت فشلها .
خامسًا : يجب تمكين المجتمع المدني والنساء والشباب وإشراكهم في صنع القرار ، فهم الأكثر تأثرًا بالأزمة والأقدر على قيادة التغيير .
سادسًا : لا غنى عن تحويل الخطاب الديني والثقافي نحو قيم التسامح ونبذ الخطابات المتطرفة التي تغذي الكراهية .
سابعًا : يمكن للمجتمع الدولي دعم هذه المسيرة شرط أن يحترم أولويات السودانيين ويركز على بناء المؤسسات والمصالحة لا دعم النخب الفاسدة .
في الختام ، إن الخلاص من هذه الصراعات ممكن عبر إرادة سياسية حقيقية ومشروع وطني جامع قائم على العدالة والمساواة والاعتراف بالتنوع ، لأن بناء سودانٍ يسع الجميع مسؤولية جماعية ويقع على عاتق جميع السودانيين ويجب أن نفعل ذلك قبل فوات الأوان .