رأي

الخروج من دوامة الصراعات العرقية والهوياتية والدينية في السودان

مها طبيق

نحو مشروع وطني جامع :
لا زال السودان إلي اليوم مواجه بتحديات وجودية بسبب الصراعات العرقية والدينية والهُوياتية العميقة التي تهدد وحدته واستقراره ، وهذه الأزمات ليست جديدة بل نتاج تراكمات تاريخية من التهميش وسوء إدارة التنوع واستغلال الاختلافات كأدوات سياسية . للخروج من هذه الدوامة ، يجب وباختصار أن يرتكز أي مشروع وطني على المحاور التالية :

أولاً : الاعتراف بجذور الأزمة المتمثلة في فشل النخب في بناء دولة عادلة تعترف بالتعددية .

ثانيًا : يحتاج السودان إلى إعادة تعريف هويته الوطنية على أساس المواطنة المتساوية لا الانتماءات الضيقة ، مع تجاوز الثنائيات المُفَرِّقة مثل “عرب وأفارقة” أو “مركز وهامش”.

ثالثًا : لا بد من تطبيق عدالة انتقالية حقيقية تضمن محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات ورد اعتبار الضحايا كشرط للمصالحة ، لأن السلام لا يُبنى على النسيان بل على الحقيقة والمساءلة .

رابعًا : يتطلب الحل تبني نظام سياسي لا مركزي (كالفيدرالية) أو ( الحكم الذاتي الموسع ) بحيث يضمن مشاركة الأقاليم في السلطة والثروة ، لأن الدولة المركزية القابضة على السلطات أثبتت فشلها .

خامسًا : يجب تمكين المجتمع المدني والنساء والشباب وإشراكهم في صنع القرار ، فهم الأكثر تأثرًا بالأزمة والأقدر على قيادة التغيير .

سادسًا : لا غنى عن تحويل الخطاب الديني والثقافي نحو قيم التسامح ونبذ الخطابات المتطرفة التي تغذي الكراهية .

سابعًا : يمكن للمجتمع الدولي دعم هذه المسيرة شرط أن يحترم أولويات السودانيين ويركز على بناء المؤسسات والمصالحة لا دعم النخب الفاسدة .

في الختام ، إن الخلاص من هذه الصراعات ممكن عبر إرادة سياسية حقيقية ومشروع وطني جامع قائم على العدالة والمساواة والاعتراف بالتنوع ، لأن بناء سودانٍ يسع الجميع مسؤولية جماعية ويقع على عاتق جميع السودانيين ويجب أن نفعل ذلك قبل فوات الأوان .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!