
مصر جارة السودان الشمالية – كان – ولازال، لها من التأثير في تفاعلات “كيمياء السياسة” داخل الواقع السوداني – في العصر الحديث وماقبله..!!
فمصر تربطها علائق وشبكة مصالح – معقدة – معلومة على المستويين الرسمي والشعبي..!!
فمصر مرتبطة بمواقف ومحطات متباينة من لدن الحكم التركي (منذ ١٨٢١م) وفترة الحكم التي قضاها الإستعمار الإنجليزي (حتى ١٩٥٦م) على سدة المشهد السوداني ..!!
فمن المعلوم أن “نهر النيل” يمثل منبع لتلك التداخلات الدبلوماسية المتعمقة، وشريان حياة لتلك العلائق والمصالح التي تربط بين السودان ومصر – إذ يحوذ السودان على نصيب كبير من النفوذ داخل أروقة “إتفاقيات مياه النيل” التي تربط معظم دول المنطقة – خاصة و أن المساحة الضخمة والبعد الجغرافي الطبيعي للسودان تعززان هذا المنحي، الذي يؤكد أهمية السودان – بالنسبة لمصر وللشعب المصري والماضي ومستقبل العلاقة بين البلدين..!!
فمصر ظلت تدير ملف علاقتها الدبلوماسية مع الطرف السوداني ببراغماتية – تحقق أهداف القاهرة على مر التاريخ..؟!
فعلى الرغم من الأهمية الإستراتيجية للسودان في رسم العلاقات المباشرة والعلاقات مع الجوار الإقليمي،نجد أن القاهرة لم تلعب الدور المطلوب تجاه منع عملية تقسيم السودان التي تم – بموجبها – فصل جنوب السودان في العام ٢٠١١م ..!!
وفي ظلال عملية التغيير التي قادها الشعب السوداني /ديسمبر ٢٠١٨م شكل الدور المصري حضور أسفر عن التطابق الغريب مابين “فض الإعتصام من ميدان رابعة ومن أمام القيادة العامة للجيش السوداني”..!!
وهذا الجانب يعكس جوانب مهمة في “العلاقات الأزلية” الممشوقة بمداد الخبرات المصرية والأثر الكبير و الواضح للأجهزة المصرية – لا سيما الجيش المصري- في توجيه ورسم إحداثيات العلاقات السياسة الإقتصادية – بين السودان ومصر..؟! وصولا إلى محطة إنقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م – الذي كشف جوانب هامة في بنيان النفوذ النخبوي للسيطرة على مقاليد الحكم في السودان – في ظل تلك العلاقات البينية الممتدة منذ ما قبل ١٩٥٦م..!!
كما أن حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣م أزاحت الستار عن حقائق مهمة وخبايا حول العلاقات السودانية المصرية..!!
فقرارات “الدعم السريع” التي قضت بمنع تصدير موارد “مناطق سيطرته” إلى “مناطق الجيش” ربما أتت في مقابل تدخل الطيران المصري في مناطق “جبل موية” بوسط السودان ..!!
حيث ظل الجانب المصري – بحسب الدعم السريع – يعمل على مساندة “مخططات تحالف الحرب في بورتسودان” ولأكثر من عامين – إمتدت منذ “التدريب المشترك لنسور النيل” الذي مثل تمهيدا لما بعد ١٥ أبريل، وحتى دخول الدعم السريع إلى” مروى” حينها، حيث حدث ما حدث..!!
ظلت مصر حاضرة في خطاب القائد حميدتي – الذي ظهر في ٢٢ يونيو ٢٠٢٥م – بمعنويات عالية وأمام قواته ومن الميدان – في أعقاب سيطرة قواته على “منطقة المثلث الحدودي” الذي يربط حدود السودان الشمالية الغربية بدولة مصر – على وجه الخصوص..!!
كما شهد الجميع ما كشفه قائد ثاني قوات الدعم السريع /الفريق/عبدالرحيم دقلو من ملابسات محادثاته التي جرت مع اللواء عباس كامل/المدير السابق للمخابرات المصرية، والتي تحدث فيها – في لقاء سياسي حاشد – عن المحاولات المتعددة التي ظل يضطلع بها الجانب المصري في سبيل التواصل (التطبيع) مع قوات الدعم السريع السودانية..!!
إن دور القاهرة – بحكم الأهمية الاستراتيجية لعلاقات الجوار السوداني المصري، يحتم أهمية تناول أبعاد العلاقة بين البلدين بما يعزز الحوار – على التربيزة – في سبيل تجاوز أخطاء وعثرات الماضي، والعمل المشترك – بما يحقق تطلعات الجوار – خاصة بين شعبي وادي النيل، وهذا – بالضبط – ما يفسر حديث القائد/حميدتي بعد أن سيطرت قواته على مواقع استراتيجية على الحدود التي تجمع بين السودان ومصر..!!
فمصر – على الرغم من دورها التاريخي المتأرجح والمريب – تظل موجودة في الخطاب السياسي الذي تتبناه قيادة قوات الدعم السريع – في خضم – السباق المحموم بين “السودان الجديد” الذي تسعى تحالفاته و داعميه لإستكمال مشروع التغيير وتأسيس الدولة السودانية – بما يضمن مصالح الشعب السوداني وتطلعاته المعلنة تجاه شعارات الثورة (حرية، سلام وعدالة)، ولا يغفل أثر المصالح المشتركة التي تعزز علائق الجوار – بين السودان ومصر – في حاضر ومستقبل السياسة والدبلوماسية المطلوبة – لبناء علاقات خارجية متوازنة..!!