
في وقت كانت فيه الكلمة تكسب صاحبها مكانة واحتراماً، كتبت (ليلى أبو العلا) من عواصم العالم بروح سودانية نقية، وبلغات عدة، دون أن تسقط في فخ الإسفاف أو الإهانة. كتبت لتعّرف الآخر بنا، لا لتبيعنا على قارعة السخرية الرخيصة.
وحين اشتد الخناق على الفكر الحر، رفعت (منى عبد الفتاح) قلمها، وواجهت الخطاب الرسمي بالبصيرة لا بالصراخ. حافظت على شرف الكلمة، ورفضت أن تكون أداة في يد أحد.
حتى (سعاد الفاتح البدوي) – التي تختلف معها أجيال اليوم سياسياً – حين كتبت عن المرأة السودانية، فعلت ذلك من منطلق فكري واجتماعي، لا من منبر التحقير، ولا بمنطق الصور الحيوانية.
لسنا بصدد الدفاع عن الشخصيات الوطنية التي استخدمتها (أم وضاح) في عرضها الرخيص. فبعض الغثاء لا يُرد عليه، بل يُقبر بالتجاهل.
لكن ما لا يُمكن السكوت عنه، هو أنكِ بما تفعلين، تفتحين الباب لتُشتم كل نساء السودان في مجال الصحافة.
أسلوبك المتدني يُسقط عليهن ظلماً لا يستحققنه.
وإن كان خلافك سياسياً، فالسياسة لا تُدار بذبح الرجولة في مقاطع هابطة.
حتى في فتنة الإسلام الكبرى، لم يُنزع الشرف عن الخصوم، ولم تُهدر الكرامة بهذا الوضيع من القول.
خرجتِ علينا (جاعرة)، (فاجرة الخصومة)، لا تعرفين قدسية المنبر، ولا طهارة الكلمة. ونسيتِ أن
(الأواني الفارغة وحدها تصنع الضجيج، وفي حالتك: مجموعة من إيموجي أعجبني)
والسؤال البسيط الذي نطرحه على (قونات الصحافة) هو
(أين أخلاقك؟)
فالرسول صلى الله عليه وسلم حين سئل عن بعثته قال
(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
وإن كانت الصحافة بلا خلق، فكيف نصدق خطابها أو نحترم منابرها؟
وقبل أن تخطبوا في الناس عن (الوطنية)، تذكروا
(إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا)
نطالب بـ (دولة قانون)، تؤدب معدومات الأدب ومثيلاتهن. لا حماية للرموز فحسب، بل حفاظاً على ما تبقى من صورة المرأة السودانية، حتى لا يقال يوماً (أمهات السودان فاجرات القول، رخيصات الولاء)