
خطاب الكراهية يمكن هزيمته؛
كانت ليلة خميس ثقيلة، والحي مشحون بغضب صامت. على وسائل التواصل، انطلقت إشاعة بأن “طفلة من أسرة مشبوهة” شوهدت وهي تلتقط صورًا لمدرسة الحي، وتُرسلها “لجهات خارجية”.
“قد تكون جاسوسة صغيرة!” كتب أحدهم.
“ألم نقل إنهم يزرعون أولادهم فينا؟” رد آخر.
في صباح اليوم التالي، اختفت زينب.
ذهبت الحاجة علوية إلى المدرسة تسأل، فلم تجد من يُطمئنها. بحثت عنها في الأزقة، في المسجد، في السوق… لا أثر.
اجتمع الناس أمام بيتهم، بعضهم ليتضامن، وبعضهم بدافع الفضول. كانت الجدة تبكي في صمت، رافضة تصديق أن حفيدتها أصبحت ضحية أخرى للكراهية.
في وسط الحشد، وقف الصحفي إسماعيل، شاب من الحي عاد مؤخرًا من الخارج، وبدأ ينشر في فيسبوك موادًا توعوية ضد خطاب الكراهية.
رفع هاتفه وصوّت:
– “أوقفوا هذا الجنون! زينب مجرد طفلة… تبحثون عن خطر وهمي وتنسون أن الخطر الحقيقي بين أيديكم: الكلمة المسمومة، الصورة المفبركة، الشائعة التي لا أصل لها!”
لم يكن الجميع راضيًا، لكن كلماته اخترقت صمت البعض. وقف بجانبه أحد الشباب، ثم امرأة كانت من أوائل من صدّقوا الشائعات، وقالت بصوت مرتجف:
– “كنا نشتري من خبز أم زينب، ونعرف ضحكتها الصغيرة… لا يمكن أن تكون عدوة لنا.”
في تلك الليلة، تجمّع عدد من الجيران – من مختلف الفئات – وبدؤوا عملية بحث منظمة عن زينب. فرّقوا الأحياء إلى مربعات، واستعملوا مكبرات الصوت، وجمعوا التبرعات لطباعة صورها وتوزيعها.
وفي فجر اليوم التالي، عُثر على زينب.
كانت مختبئة داخل مخزن خلف المسجد القديم، حيث لجأت وهي تبكي بعد أن سمعت رجلاً يقول أمام متجر والدها:
– “هؤلاء يستحقون الحرق… بدءًا بأطفالهم.”
احتضنتها الحاجة علوية، بينما أجهش الجميع بالبكاء. في تلك اللحظة، شعر أهل الحي أنهم فقدوا براءتهم… لكنهم لم يفقدوا فرصة استعادتها.